العدد 1343 / 2-1-2019
أيمن حجازي

تغريدة الوزير جبران باسيل التي أطلقها من منطقة اللقلوق عشية رأس السنة الميلادية ، جعلته يطل على ثلاثة ألوان رئيسية وبضعة ألوان استلحاقية دفعت البعض للمبالغة في استكشاف تحالفات الرجل الكامنة ، أو تلك التي تحيا في العقل الباطن السياسي للتيار الوطني الحر من خلال هذه الألوان . فتلك النافذة أظهرت له لون الثلج الأبيض ولون السماء الزرقاء مضافا لهما الأفق البرتقالي الذي يحلم به قادة ومحازبي التيار الوطني الحر ممن استعاروا هذا اللون قبل ثلاثة عشرة سنة من أوكرانيا وثورتها الناجحة التي أمل مناصرو العماد ميشال عون أن يكرروها في لبنان مع بدايات العام ٢٠٠٥ .

وقد عمد الوزير باسيل الى اطلاق تغريدة إضافية ضم الأصفر والأخضر الى الألوان السابقة ، في خطوة استلحاقية تهدف الى الحفاظ على التحالفات الحالية للوزير باسيل وتياره الوطني الحر . وإذا أردنا أن نساير أولئك المبالغين في استكاشافاتهم المتنوعة ، فان اللون الأزرق الذي يشير الى تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري الذي ورد ذكره في التغريدة الباسيلية اللقلولية الأولى كان مقدما على غيره من الألوان . ما يوحى بأن المصالح المشتركة للتيارين الأزرق والبرتقالي ما زالت متطابقة حتى هذه اللحظة السياسية المشهودة . وحيث يسجل أن الوزير باسيل قدأكد من خلال واقعة نهر الكلب التي أعلن فيها رئيس التيار الوطني الحر قبل حوالي الشهر من الزمن ، رغبته الجامحة في الإضاءة التاريخية على خروج الجيش السوري من لبنان عبر لوحة إضافية للجلاء . وهذا ما يزيد من عناصر اللقاء السياسي بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر الذي كان قد وقف والرئيس ميشال عون الى جانب الرئيس سعد الحريري في قضية تمثيل النواب السنة الستة المحسوبين على معسكر الثامن من اذار .

ولكن اللون الأبيض الذي ورد في تلك التغريدة في اشارة الى ثلج اللقلوق ، لا يجد له محل في رايات القوى السياسية اللبنانية المحلية الا جزئيا في علم حزب القوات اللبنانية الذي لا يحتل ذلك الموقع التحالفي المشهود مع التيار الوطني الحر ... ولم يبقى لنا في هذا المجال الا اللجوء الى رايات منظمة الأمم المتحدة والقرار الدولي ١٧٠١ وما يلي ذلك من تداخل قوي للعلاقة مع حزب الله المعني الأول بالوضع الجنوبي اللبناني . وقد يعني هذا الأمر ( في حسابات منجمي الألوان ) أن الوزير باسيل قد يكون في المرحلة المقبلة أكثر التصاقا بسياسات الأمم المتحدة حيال الوضع اللبناني مما كان عليه في السابق ...

أما في التغريدة الباسيلية الثانية التي أطلقها من اللقلوق فانه أضاف بضعة ألوان كان من بينها اللونين الأصفر والأخضر ، في إشارة الى حزب الى علمي "حزب الله" وحركة أمل اللذين يمثلان الثنائي الشيعي المتحالف مع التيار الوطني الحر في اطار معسكر الثامن من اذار. وحيث تتفاوت جودة العلاقة بين التيار البرتقالي وكلا من طرفي ذلك الثنائي الشيعي الذي أثبت فعاليته السياسية في البلد من ضمن تحالف اقليمي ودولي حقق تقدما معترفا به في السنوات الأخيرة . مع ملاحظة وجود خروقات في مسار التحالف المتين بين التيار الوطني الحر وحزب الله كان آخرها في لحظة انفراط أو تعثر المبادرة الرئاسية التي أطلقها الرئيس عون من أجل حل معضلة النواب السنة الستة المعارضين للرئيس الحريري وتيار المستقبل ... ما أدى الى عدم نجاح المحاولة الأخيرة لتشكيل الحكومة العتيدة .

... إنها ألوان نافذة اللقلوق الباسيلية الميلادية التي تشي ببعض الإيحاءات السياسية الصادقة أو الكاذبة لا فرق ، وحيث المواطن اللبناني والجمع الغير من الساسة والقادة يلهثون وراء قارئة الفنجان التي تنتج لهم معطيات سياسية مدروسة على الدوام .