أيمن حجازي

تعترض تأليف الحكومة المكلف تشكيلها الرئيس سعد الحريري عدة عقد سياسية وطائفية ومذهبية مختلفة، وهي عقد صعبة أو مستعصية، خصوصاً أن هذه الحكومة تلي اﻻنتخابات النيابية التي جرت في السادس من أيار الماضي، ومن المفترض أن تعكس ميزان القوى الذي أنتجه المجلس النيابي الجديد. 
فهناك عقدة التمثيل الوزاري المسيحي العالقة بين حصص رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، مضافةً الى عقدة تمثيل النواب السنة الذين ﻻ ينتمون الى تيار المستقبل والذين وصلت بورصتهم الى عشرة نواب يجري السعي الى تمثيلهم في الحكومة. أما أبرز العقد التي برزت في اﻷسبوعين اﻷخيرين فكانت العقدة الدزرية التي فجرت سجاﻻً بين التيار الوطني الحر والحزب التقدمي اﻻشتراكي.
ويحلو للبعض أن يعطي لهذه العقدة طابع النزاع الماروني - الدرزي. ويميل الحزب التقدمي اﻻشتراكي الى القول إن هذه العقدة ناتجة من اعتداء التيار الوطني الحر على الحصة الدرزية في الحكومة المقبلة التي يجب أن تستحوذ عليها الزعامة الجنبلاطية بعد أن حصلت على غالبية المقاعد الدرزية الثمانية في البرلمان اللبناني من خلال استعادتها للمقعد الدرزي في بعبدا وبعد إعلان النائب أنور الخليل (النائب الدرزي الوحيد في الجنوب) وﻻءه لوليد جنبلاط ونجله تيمور، ما جعل اﻷمير طلال ارسلان معزوﻻً على الساحة الدرزية من خلال مقعد درزي يتيم في عاليه تركه الجنبلاطيون. وتختم مصادر الحزب التقدمي اﻻشتراكي مقولتها في هذا الصدد بأن تجيير التيار الوطني الحر ثلاثة مقاعد نيابية لمصلحة اﻷمير طلال ارسلان بغية افتعال كتلة نيابية تهدف الى انتزاع مقعد وزاري درزي من أصل ثلاثة مقاعد درزية ما يشكل عدواناً عونياً فاضحاً على الحزب التقدمي اﻻشتراكي خصوصاً وعلى الطائفة الدرزية عموماً.
 وفي مقابل الرؤية الجنبلاطية اﻵنفة ترى أوساط الحزب الديموقراطي اللبناني أن قصر المختارة ينحو منحى اﻻحتكار الأحادي للتمثيل الوزاري الدرزي، وأن الزعامة الارسلانية في البيئة الدرزية اللبنانية راسخة وغير قابلة للشطب، وأن اﻷمير طلال ارسلان قد احتل موقعاً تمثيلياً وطنياً من خلال كتلة ضمانة الجبل التي تضمه الى جانب ثلاثة نواب مسيحيين في دائرة الشوف - عالية، ما يثبت حق الزعامة الارسلانية في مقعد وزاري درزي، وهذا أمر طبيعي.
 في المقابل، تبدو مواقف اﻷطراف السياسية اﻷخرى متماوجة من هذه العقدة الدرزية، فالرئيس سعد الحريري تكفيه همومه المستقبلية، والدكتور سمير جعجع يميل الى الزعيم وليد جنبلاط، والرئيس نبيه بري يلتزم الحياد الإيجابي. أما الحليفان التيار الوطني الحر و«حزب الله» فمواقفهما تبدو متباينة، حيث الطرف اﻷول متهم من قبل التقدمي اﻻشتراكي بالوقوف الكامل وراء اصطناع المقعد الوزاري الدرزي الارسلاني محل النزاع والعقدة، أما حزب الله فيبدو معنياً بإيجاد تسوية ما تمنح جنبلاط مقعداً وزارياً مسيحياً يحل محل مقعد ارسلان الدرزي المفترض. وهذا ما يجعل العقدة الدرزية مفتوحة على تسوية ممكنة تفسح في المجال لحزب الله بأن يقيم علاقات إيجابية مع مجمل الساحة الدرزية اللبنانية. صحيح أن العقدة الوزارية الدرزية شائكة، ولكنها أيضاً عقدة يحتاج أكثر من طرف لحلها ﻷسباب شتى ومن ثم للتفرغ للعقد الوزارية اﻷخرى التي ﻻ تقل صعوبة عن عقدة تمثيل بني معروف في الحكومة القادمة التي يقال إنها حكومة حريرية مقيدة. والتقييد هنا يستهدف معصمي الرئيس سعد الحريري الذي ﻻ بدّ له أن يتذكر شيئاً من القدود الحلبية التي يختم أحدها بـ«ﻻ أحب القيود في معصميك».