لم تكلل كل محاولات «إسرائيل» الحثيثة في الحصول على جزء من مياه نهر النيل بالنجاح حتى الآن، بالرغم من اقترابها من تحقيقها عام 1979 واعتبارها جزءاً من اتفاقية السلام مع مصر، إبان عهد الرئيس الأسبق أنور السادات؛ الذي أعطى إشارة البدء في مشروع «ترعة السلام» إلا أنه توقف بسبب الرفض الشعبي.
لكن لم تنقطع المحاولات الإسرائيلية للحصول على مياه النيل منذ ذلك الوقت حتى اليوم، حيث كشف موقع «ميدل إيست أوبزرفر» في 28 تشرين الثاني الماضي، اعتزام نظام عبد الفتاح السيسي تزويد «إسرائيل» بالمياه من خلال بعض الأنفاق الستة الصخمة التي يجري حفرها أسفل قناة السويس لربط شبه جزيرة سيناء بالدلتا.
في هذ السياق، قال الخبير الدولي بالسدود والموارد المائية، أحمد الشناوي، إن «إسرائيل ما زالت تأمل في تزويدها بمياه النيل»، مذكراً بأن «الرئيس الراحل أنور السادات كان على وشك تحقيق حلمهم في عام 1979، لكنه واجه معارضة شديدة في الداخل، وقد تصدى والدي، نقيب المهندسين آنذاك، للمشروع، وعارضه بقوة في نقابتي المحامين والصحفيين بالقاهرة».
واتهم «إسرائيل» بالوقوف وراء مشروع سد النهضة الإثيوبي، وأكد أن من دعم المشروع «هو وزير خارجية إسرائيل السابق (ووزير الدفاع حالياً) أفيجدور ليبرمان اليميني المتشدد، من أجل الضغط على مصر».
وحذر الخبير الدولي من خطورة تزويد «إسرائيل» بمياه النيل قائلاً: «في هذه الحالة ستصبح إسرائيل دولة مصب، وهو ما يعني أن حقها القانوني وقف أي مشروع في دولة قبلها، وهي مصر، من شأنه أن يمنع عنها المياه، أو يقللها، أو يؤخر موعدها، ومن حقها أيضاً أن ترفض أي مشروع مائي ترغب مصر في إقامته على نهر النيل».
وأضاف أن وقوف «إسرائيل» إلى جانب إثيوبيا في مشروع سد النهضة «هو ما يشجعها على استكمال بنائه، في حين أن من حق مصر قانونياً، أن تمنع بناء هذا السد»، مشيراً إلى أن «المفاوضات مع الجانب الإثيوبي لن تفضي إلى نتيجة تذكر»، واصفاً إياها بأنها «مفاوضات هزلية، ومضيعة للوقت».
أما أستاذ السدود بجامعة تناجا بماليزيا، محمد حافظ، فلم يستبعد قيام السيسي بنقل المياه إلى «إسرائيل» بطريقة أو بأخرى، وقال: «هناك سحّارة ضخمة شرق قناة السويس، تدعى سحارة سرابيوم فيها أربع بيارات بعمق ستين متراً وقطر عشرين متراً، تحت ادعاء توصيل المياه لشرق القناة»، على حد قوله.
وتابع: «هذه السحارة الهدف منها نقل المياه إلى إسرائيل، وليس الأنفاق التي يتم العمل فيها الآن»، متوقعاً «أن تتعاظم أزمة المياه في مصر خلال السنوات المقبلة، وسيتم خصخصة مياه النيل، لتديره إحدى الشركات الأجنبية التي ستبيع المياه للمصريين والإسرائيليين».
وحذر أستاذ السدود من حلول عام 2024 على مصر والمصريين؛ إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه، قائلاً: «سيكون عام حياة أو موت لمصر؛ لأن إثيوبيا ستكون قد انتهت من بناء ثلاثة سدود على نهر النيل، وقامت بتخزين المياه خلفها، وتعلن امتلاكها أكبر بنك لبيع المياه بعد أن تتحكم بجميع مصادرها ومساراتها واتجاهاتها».
ولفت إلى أن «مشروع ترعة السلام المتوقف، والذي أنفق عليه مليارات الجنيهات في عهد (الرئيس المخلوع حسني) مبارك، يعتبر جزءاً من الحل لتنمية سيناء، وتوفير مياه الري للأراضي الزراعية التي يراد استصلاحها».