عبد الله المجالي

تدخل الأنظمة العربية والإسلامية في سباق مع الزمن لتصحيح وتجديد الخطاب الديني.
جميع الأنظمة العربية والإسلامية تتحدث عن أن الإسلام اختطف من بعض الجماعات. جميعها تتحدث عن الإسلام الوسطي المعتدل الذي يجب أن يلتزم به من يريد الالتزام والتدين.
صرنا في زمن تعدّدت فيه النظرة إلى الإسلام، وبات هناك صراع على تعريف الإسلام ومقتضياته.
لا يقتصر الصراع هنا على أبناء العالم الإسلامي شعوباً وحركات إسلامية وأنظمة، بل يشارك فيه العالم الغربي؛ أمريكا وأوروبا وروسيا، حيث تريد الأخيرة إسلاماً لا يناقض قيمها، لا يهاجم ثقافتها، لا ينتشر بين أبنائها، لا يشكل تهديداً لمصالحها، ويستسلم لهيمنتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ولكن ماذا عن الأنظمة العربية والإسلامية؟
بالنسبة للأنظمة العربية والإسلامية، فهي تسعى إلى ترسيخ مفهوم للإسلام لا يهدد مصالحها أو بقاء سلطتها.
ماذا يعني هذا؟ يعني أن تستأثر تلك الأنظمة بتعريف مفهوم الإسلام ومقتضياته، وأن تستأثر بتحديد مفهوم الإسلام الوسطي والمعتدل، فمن وما وافق هواها تعتبره إسلاماً وسطياً معتدلاً، ومن وما خالف هواها تعتبره إسلاماً متطرفاً متشدداً إرهابياً.
 وأداواتها في ذلك القانون الذي تحتكره، والقضاء الذي تستأثر به، وإذا لزم الأمر العنف واستخدام القوة.
باختصار، يريدون إسلاماً يكونون هم مرجعيته، وليس إسلاماً يكون هو مرجعيتهم.
هل يعني هذا أن فكرة تجديد الخطاب الديني، والعمل على تخليص مفهوم الإسلام مما علق به من أفكار أو مفاهيم أو تفسيرات منحرفة أو ضالة أو غير صحيحة، عمل شائن؟
كلا، لكن السؤال: من يقوم بهذا العمل الجبار؟ أهي الأنظمة والمؤسسات التي تدور في أفلاكها؟ أم علماء مشهورون بهواهم مع الأنظمة حيث يميلون بأفكارهم حيث تميل؟
في الواقع إن غالبية الشعوب لا تثق بتلك الجهات، خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بالإسلام وتفسير نصوصه والقرآن وتفسير أحكامه. وهنا تكمن المصيبة التي سترتد على الأنظمة وعلى الشعوب.