وسام الحجار

خمس كلمات غيّرت مجرى التاريخ، وحولت الهزيمة الى نصر، وجعلت من الضعف قوة ومن الهوان عزة وفخاراً.
خمس كلمات قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ألف وأربعمئة وثمانية وثلاثين عامٍاً لصاحبه وهو في الغار، في طريق الهجرة من مكة الى المدينة، في أصعب الظروف، وأدق اللحظات، في وقت كانت قريش تلاحقه بقضّها وقضيضها، بعزها وجبروتها... 
قالها والثقة تملأ كيانه، قالها لصاحبه دون تردد: «لا تحزن إن الله معنا». 
واليوم نرددها مجدداً اقتداءً به واتباعاً لسنته، نرددها أمام الجميع، أمام القاصي والداني، نقولها وكلنا أمل، ثقة ويقين بنصر الله، نقولها لأمتنا والمعذبين فيها : «لا تحزنوا إن الله معنا». 
نقولها لأهلنا في سوريا الذين جرِّبت فيهم جميع أنواع الاسلحة الحديثة والقديمة، المشرّعة والمحرّمة، لشعبٍ يُباد بأكمله على يد مغول العصر، للشهداء الذين أصبحوا بالآلاف لا بل بمئات الآلاف، للجرحى والمعوّقين، نقولها للاجئين المشرّدين الذين يذلون مع كل كسرة خبز تقدّم لهم، نقولها للأمة العربية المخدّرة والشعوب الاسلامية التي اعتادت مشاهدة صور القتل والدمار ، للقلوب التي انسلخت عن أجسادها، لذلك الشعب الأبي الذي تُرك لمصيره وقدَره، للمؤمنين الصادقين، والمجاهدين المخلصين والأحرار الصامدين.
نقولها لهم وكلنا ثقة ويقين بنصر الله: «لا تحزنوا إن الله معنا».
نقولها لأقصانا المحتل، المغتصب والمستباح من أحقر كائنات الأرض الذين ينجسون طهره ليل نهار، للمرابطين المحرومين من دخوله والصلاة فيه، نقولها وأولى القبلتين وثالث الحرمين يقسم مكانياً وزمانياً من قبل أحفاد القردة والخنازير، نقولها وأصحاب الفخامة والمعالي والجلالة على عروشهم خائفون ولكنوزهم مكدسون، نقولها وأرباب أمتنا يتباكون على من انتهك حرمتهم واستباح قدسيتهم وقتل أبناءهم.. وإلى عزائه يتسابقون. نقولها لهم وكلنا ثقة ويقين بنصر الله: «لا تحزنوا إن الله معنا».
نقولها وأكثر من عشرة آلاف شاب من خيرة شباب الأمة في سجون الاحتلال الصهيوني معتقلون مأسورون، وعن أهلهم وأولادهم وعائلاتهم مبعدون، وجرمهم الوحيد أنهم لأرضهم ووطنهم محبون ولأجل قضيتهم وتحرير مقدساتهم مضحون.
نقولها لهم وكلنا ثقة ويقين بنصر الله: «لا تحزنوا إن الله معنا».
نقولها وأكثر من مليوني إنسان من لحم ودم في قطاع غزة محاصرون، من أبسط حقوق الإنسان في الحياة محرومون، يعانون من ظلم الأخ قبل العدوّ، جريمتهم الوحيدة، أنهم عن أرضهم وعرضهم مدافعون.
نقولها لهم وكلنا ثقة ويقين بنصر الله: «لا تحزنوا إن الله معنا».
نقولها وإخوان لنا في سجون العقارب والأفاعي وجميع أنواع الحشرات والحيوانات السامة والقذرة معتقلون، حتى أصبح المرض والموت زائراً دائماً وصديقاً لزنازينهم التي فارقتها الحياة، قدرهم أن سُلط عليهم حاكم ظالم خائن، انقلب على رئيس شرعي اختاره الناس ليكون لهم الأب والقائد، ليستقل لهم بغذائهم ودوائهم وسلاحهم، لكن المؤامرة كانت أكبر منهم، حاكها لهم الغرب والعرب ونفذها العسكر، حتى عادت البلاد إلى مصافي الجاهلية على يد دمية لا تملك إلا الحقد والكره لشعب أحب الكرامة والعيش بحرية.
نقولها لهم وكلنا ثقة ويقين بنصر الله: «لا تحزنوا إن الله معنا».
نقولها وأهلنا في العراق يقتلون ويشردون.. نقولها واليمن جريح وأهله مخطوفون.. 
نقولها وجراح أهلنا في بورما وكشمير والصين وبنغلادش وووو.... مضطهدون.
نقولها ونحن على يقين بأن أمتنا خير أمة أخرجت للناس، مهما بلغت من ضعف وهوان، فتلك سنة الله في قيام الأمم وسقوطها.. 
نقولها ونحن على يقين (كما قال الشيخ ابن باز رحمه الله): إن هذه الأمة تمرض لكنها لا تموت، و تغفو لكنها لا تنام.. فلا تيأسوا،  فإنكم سترون عزّكم متى عدتم لربكم، وأصلحتم أنفسكم، و قمتم بنصرة إخوانكم..!! 
وإنا إن شاء الله لمنتصرون.