لعاشوراء المكانة المميزة عند الله، ففيها نصر الله كليمه موسى عليه السلام على طغاة الشر والفساد: فرعون وهامان وجنودهما، من أبناء الزمرة الباغية، المتطاولة على إنسانية الإنسان وحرية معتقده: >إن فرعونَ علا في الأرض وجعلَ أهلَها شيَعاً...<، وهنا كان لا بدّ من المفاصلة بين الحق والباطل، ولُوحِقَ موسى ومن معه حتى قالوا: >إنا لمُدْركون<، وكان الجواب من موسى عليه السلام الواثق بنصر الله: >كلّا إن معيَ ربي سيهدين<، فانفلق البحر لينجوَ موسى ومن معه ويغرق فرعون وزبانيته، إنهم كانوا قوماً ظالمين، وهكذا هي سنة الله في كل عصر وزمان.
قد يقول قائل: وما لموسى عليه السلام وعاشوراء، والجواب عند الصادق الأمين |، الذي رأى اليهود يصومون يوم عاشوراء لأن الله نجى فيه موسى وقومه، فقال لهم |: «نحن أحق بموسى منكم، فصامه رسول الله وأمر بصيامه» (البخاري ومسلم). وفي رواية لمسلم: «لئن بقيت إلى قابل» (أي عام قادم)، لأصومنّ التاسع» وهذا إشعار من النبي بضرورة مخالفة اليهود وعدم التوافق معهم على حساب الأمة.
وعاشوراء تحمل لنا بين ثناياها ذكرى استشهاد سبط رسول الله الحسين رضي الله عنه، الذي قضى شهيداً في كربلاء وهو متمسك بالحق رغم كثرة الذين خذلوه ساعة الشدة، فشقّ بشهادته طريق ذات الشوكة ليقتدي المجاهدون به، خصوصاً في زمن أصبح الجهاد فيه إرهاباً والدفاع عن حقوق الأمة محظوراً.
ورغم مرارة ما حصل في كربلاء، ينبغي أن لا يغيب عن ذهننا قول الله تعالى: >تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ماكسبتم ولا تُسألون عما كانوا يعملون< البقرة 134.
لأن المطلوب هو التطلع نحو مستقبل أمتنا وتحسين حاضرها، وأما الماضي فهو لأخذ العبر والحكم كي لا نقع بما وقع فيه أسلافنا، وليس الماضي لنبش وقائعه واستصدار الأحكام على الناس، خاصة إن كانوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين لا نقول فيهم إلا خيراً، وحسبنا في ذلك كله ما قاله الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عندما سئل عن الأمر: «تلك فتنة عصم الله منها دماءنا أفلا نعصم منها ألسنتنا».