العدد 1405 / 18-3-2020

لقد أسرى الله تعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليريه من آياته وجاء التعبير في قوله تعالى {سبحان الذي أسرى بعبده} ليردّ على الذين زعموا أن الإسراء والمعراج كانا مناما لا يقظة، فكلمة «عبده» تدلّ على أنه كان بالروح والجسد معا رغم أنف المشككين فما ذلك على الله بعزيز.. ويؤكد هذا الرأي الراجح أن الآية بدأت بتسبيح الله أي بتنزيهه عن عجز ونقص لا يليقان بذاته المقدّسة فهو سبحانه وتعالى قادر على أن يأتي بما لم يتخيّله عقل بشر.

إن العبرة من الإسراء والمعراج تتمثل في دروس مهمة منها أن الذي أسرى برسوله صلى الله عليه وسلم قادر على أن ينصر أمته بين غمضة عين وانتباهتها إذا سبّحته حق التسبيح وعرفت له قدره تعالى وعملت بكتابه وسنّة رسوله ومنها أن المشاهد التي رآهاصلى الله عليه وسلم إنما هي حق تجعلنا نعيد حساباتنا ونمضي على سنّته المطهرة غير مرتكبين بجرائم تؤدّي إلى النار فيتعاون المجتمع المسلم على البر والتقوى، فقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج مكتوبا على باب الجنة «الحسنة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر جزءا» فما قال له الصحابة رضوان الله عليهم: كيف يكون القرض أكثر من الصدقة مع أنه يرجع؟!.. فقال عليه الصلاة والسلام: لأن السائل يسأل وهو عنده أما المقترض فلا يقترض إلا عن حاجة..

نعم.. ما أكثر الذين هم في حاجة إلى صدقة وإلى قرض حسن في مجتمع المسلمين خصوصا الذين تحت الاحتلال والهيمنة المادية الشرسة التي تهدّدهم دما ومالا وعرضا وأماكن يعزّ علينا جميعا أن تصرخ فينا وما لها من مجيب وعلى رأسها الأقصى مسرى سيدنا رسول الله الذي بارك الله حوله وصلّى فيه عليه الصلاة والسلام بجمع من النبيين.

كما أن من أهم الدروس المستفادة من هذه الذكرى أن الصلاة فرضت على أمتنا في هذه الليلة المباركة من فوق سبع سماوات فكانت، كما جاء في الصحيح، قرّة عين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلينا أن تكون الصلاة قرّة أعيننا لأن لنا فيها الأسوة الحسنة وبذلك ندعو المسلمين إلى الصلاة لأنها الركن الثاني في أركان الإسلام.

د. مبروك عطية