الانفلات السياسي في البلد ساقه الى انفلات أمني، بات منتشراً في مختلف المناطق اللبنانية. فهذا الولد قتل أمه، وهذه الأم قتلت زوجها، وهذا الأب يغتصب ابنتيه، مما لم يكن معروفاً ولا مألوفاً في المجتمع اللبناني، بصرف النظر عن المنطقة أو الدين أو المذهب. ذلك أن المواطن بات يرقب التجاوزات التي يرتكبها النائب أو الوزير على الدستور والقانون، وأحياناً يفعل ذلك عبر شاشات التلفزيون، أو الهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي، دون حسيب ولا رقيب. بعض ذوي القتلى والمصابين بدأوا يخرجون الى الشوارع مطالبين بتفعيل قانون إعدام القاتل، أو يتظاهرون أمام مبنى المحكمة العسكرية التي تحتجز مئات الموقوفين دون محاكمة، لمجرد أنهم شهود، يقبعون في السجون منذ سنوات بانتظار حضور بقية المتهمين، في سجن رومية أو الريحانية أو سواهما، ليخرجوا منها مجرمين محترفين تربوا سنوات على أيدي عتاة المجرمين أو التكفيريين. وكما أن انجاز قانون الانتخابات يحتاج الى استنفار واستعجال، فإن أزمة القضاء اللبناني إزاء قضايا الموقوفين تحتاج الى إجراءات ومراجعات، حتى لا تتحول السجون ومراكز التوقيف الى مصانع لإنتاج الإجرام والمجرمين. فهل تفتح الدولة عندنا هذا الملف الخطير، حتى لا يتحول البلد إلى مصنع للإجرام!