ينشغل لبنان واللبنانيون هذه الأيام بالانتخابات النيابية القادمة، وقانون الانتخابات: نسبي أم أكثري أم مختلط، أم الابقاء على قانون الستين. لكن هاجساً آخر لا يقل أهمية ولا خطورة عن قانون الانتخاب، هو الغلوّ والتطرف اللذان تسرّبا إلى ساحتنا اللبنانية، على الرغم من أننا بلد حرّ وديمقراطي، ولا مبرر للتطرف الديني أو السياسي كي يعشّش في ساحتنا. هذا من حيث المظهر، فماذا عن الحقيقة، خاصة أننا بتنا نرى شباباً يلتحقون بداعش أو النصرة أو غيرهما، ويقعون في فخ التفجيرات الإرهابية أو العمليات الانتحارية. لقد فاتنا أن بلدنا تربطه حدود مشتركة مع سوريا، البلد الذي أجهضت الثورة الشعبية فيه حتى تحوّل بعضها إلى مجموعات ارهابية، لأن النظام أدخل الى ساحته مقاتلين طائفيين من الخارج، ومن كل الجنسيات، ليقاتلوا ويقتلوا الشعب السوري، مما استدعى ردود فعل حادة، وانتشار التطرف الديني والسياسي عبر الحدود، خاصة أن الأجهزة الأمنيّة باتت تنظر بعين واحدة، فتحاسب وتراقب دون توازن ولا عدالة. بعض المراقبين يلقي باللائمة على دار الفتوى وخطباء المساجد، بينما القضية أكبر وأوسع، وتستدعي مشاركة كل الفعاليات، الفكرية والسياسية والإعلامية، فضلاً عن الدينية، لمواجهة هذه الظاهرة.