أبو محمد

لا جديد يذكر في ملف الحكومة حتى الساعة. المواقف على حالها والمطالب والشروط لم تتحرك أبداً. الشيء الوحيد الجديد في هذا الملف هو تلميح رئيس الجمهورية الى عقد وتدخلات خارجية تعيق عملية التأليف. 
من جهته الرئيس المكلف سعد الحريري يحاول من خلال اتصالاته ولقاءاته ومشاوراته تدوير الزوايا وايجاد بعض المخارج والحلول، ولكن حتى الساعة لم تفلح كل الحركة التي يقوم بها في ايجاد قناعة لدى الأطراف الأخرى في خفض مستوى مطالبها، والمساهمة في ايجاد الحلول، إذ إن «يداً واحدة لا تصفق» في هذا الموضوع.
على كل حال، الأفق الحكومي لا ينبئ أن ثمة حلولاً تلوح في الأفق، إلا إذا غيّرت بعض القوى السياسية قناعتها، أو عدّلت فيها، بحيث تسهم من خلال تواضعها بمطالبها في الوصول الى صيغة مقبولة. وإلا فإن المراوحة تستمر والجمود الاقتصادي والسياسي ستستمر، والأزمة ستستمر إن لم تتدحرج الى ما هو أسوأ.
انسداد أفق تأليف الحكومة بدأ ينعكس على الملفات الأخرى، فقد برز ملف الكهرباء من جديد مع أزمة الباخرة التركية التي يجري التعامل معها بشكل خارج إطار المألوف، فتارة تكون في الجنوب وطوراً تنتقل الى الجيّة، ثم بعد ذلك الى الذوق، في حركة غير مفهومة من الرأي العام اللبناني الذي يعاني الأمرّين في مسألة الكهرباء. 
وكذلك الأمر في ما يتعلق بإضراب اتحاد النقل البري، وقد كشف عن خروقات وتجاوزات لا تعدّ ولا تحصى في ملفات كثيرة متصلة بهذا القطاع، منها ما يتصل بمصلحة تسجيل السيارات، ومنها ما يتصل بمراكز المعاينة، وما يتصل بـ«نمر السيارات»، كل ذلك كشف أيضاً حجم الفساد المحمي من مستويات عالية على حساب الشعب والمواطنين.
يبدو أن هذا البلد كُتب عليه الشقاء والمعاناة، ولا بدّ للخروج من هذه الأزمات من صحوة ضمير عند المسؤولين، تكاد تكون منعدمة. أو صحوة وعي عند الناس لتسأل وتحاسب وتعاقب هذه الطبقة التي تتحكم بمصير البلد، وتأخذه نحو الهاوية تحت عنوان «حقوق الطوائف»، وهي في الحقيقة استئثار بعض السياسيين بإمكانات البلد تحت عنوان «الطوائف».
الى متى سينتظر اللبنانيون حتى يطلقوا صرخة الوجع والألم؟ الى متى ستظل هذه الدوامة متحكمة بمصير الناس ومستقبل أبنائهم؟ الى متى سيبقى هذا الصمت، وتبقى هذه العناوين متحكمة بعقولهم وعواطفهم؟
من حق الناس أن تعيش بكرامة، ومن حقها أن تقول لكل أولئك ماذا تريدون من بلدنا الجميل. إسألوهم ولو مرة واحدة، ماذا فعلت وقدّمت لهذا البلد؟ رجاءً اسألوهم وحاسبوهم من أجل أبنائنا هذه المرة.
أبو محمد