عبد القادر الاسمر

تتميز المرحلة الرابعة من الانتخابات البلدية والاختيارية التي تجري بعد غد الأحد في محافظتي الشمال وعكار، وخاصة في طرابلس العاصمة الثانية، بحماوة ملحوظة بين ثلاث لوائح مكتملة تتنافس على تولي المجلس البلدي للأعوام الستة المقبلة.
ويتساءل الطرابلسيون عن مؤهلات معظم أعضاء هذه اللوائح الذين سيتسلمون مقادير هذه المدينة وأحوالها ومطالبها ومشاريعها المؤجلة واللاحقة.
ولقد تشكلت اللائحة الأولى بتوافق ساسة المدينة ونوابها والتي تميزت بخلوها من أعضاء سابقين في المجلس البلدي الحالي، إلا أنها تتميز أيضاً بخلطة عجائبية من مرشحين مغمورين على صعيد العمل الاجتماعي وبخاصة رئيسه الذي لم تشهد له طرابلس أي جولة أو حضور بارز في ميدان النشاط المطلبي، بل وغياب صورته عن المشهد الطرابلسي الذي طبع المدينة بتحركات ومطالبات بحقوقها المهدورة على أكثر من صعيد.
وكذلك الأمر نفسه مع معظم أعضاء اللائحة الأولى الذين برزت أسماؤهم فجأة بدون مقدمات لتطفو على السطح وليس لهم أي سجل نضالي يكتب لهم.
على أن اللائحة الثانية ليست بأفضل حالاً وهي التي يترأسها عضو بلدي مزمن لم يعرف عنه أنه واظب على حضور جلسات المجلس، فكان في معظم أيامه غائباً بداعي السفر، والأمر نفسه مع معظم أعضاء هذه اللائحة الطارئين على العمل الاجتماعي. وكذا الأمر مع لائحة ثالثة يطمح نائب سابق إلى  ترؤس بلدية المدينة.
ويذكر أهالي المدينة مصير التوافق السابق الذي أفرز المجلس البلدي الحالي وما اعتراه من مناكفات أطاحت رئيسه بعد أن تحولت جلساته إلى اتهامات متبادلة عطلت عمله، مما أدى الى نعي التوافق الهش، دون أن نتجاهل نسبة الاقتراع الضئيلة التي تنم عن قناعة الطرابلسيين بها.
ويؤكد العارفون أن نسبة الاقتراع ستكون هي نفسها في الاستحقاق الحالي، وأن غالبية المقترعين سيشكلون لائحة خاصة مختارة من اللوائح الثلاثة التي ستشهد خروقات متبادلة تدل على رفض الأهالي اللائحة المعلبة، وسيتشكل مجلس بلدي جديد يضم أعضاء متنوعين يبثون الحيوية والتجدد في جلسات المجلس العتيد ويمثلون ضمير المدينة ورقابتها عليه، ولا يعني بالتأكيد أنهم سيعرقلون نشاطاته أو جلساته.
ومهما قيل عن برنامج عمل اللوائح الثلاث فإن الامور مرهونة بمدى تفرغ أعضاء المجلس المنتظر لملاحقة البرامج المطروحة في بيانهم الانتخابي والتي تضع هذا المجلس أمام مسؤولياته ودوره في تحقيق ما تحلم به المدينة، ولا سيما أن المادتين 49 و50 من قانون المجالس البلدية تتحدثان عن مروحة واسعة من الصلاحيات التي تتيح للمجلس البلدي حرية التحرك والتعويض عن تقصير المجالس البلدية السابقة.
إننا وفي مناسبة عيد التحرير من العدوّ الاسرائيلي لنؤكد أهمية تحرير أنفسنا من الحجر على عقولنا ومواقفنا وآرائنا، ولن يتخلى الطرابلسيون وكذا الامر نفسه في بلدية الميناء وسائر مدن وبلدات وقرى الشمال عن تشكيل لوائح خاصة تثبت تحرر الناخبين من إملاءات وضغوطات مختلفة وتحقق للناخب -أي ناخب- كرامته وحريته في تشكيل هذه اللائحة المختارة من قناعات الناس وطموحاتهم وعدم ارتهانهم لصوت غيرهم، دون ان يعني ذلك بالطبع أي خصومة سياسية مع أحد. وإنها لمسؤولية كبرى لو يعلمون.