عبد القادر الأسمر

إنه زمن العجائب الذي يفاجئنا كل مرة بأعجوبة على أكثر من صعيد ويجبرنا على الايمان بها وتصديقها وعدم الاعتراض عليها.
وتكاد هذه «العجائب» تنحصر في بلادنا وأمتنا ولا تنتغص واحدة منها أو تختفي إلا ويطالعنا الجديد منها وهكذا دواليك دون أن يتحرك أحدنا قيد أنملة لتسفيهها أو إبطالها أو فضح أمرها لتخليص البلاد والعباد من شرورها وتداعياتها المدمرة.
ويكشف مسلسل «سلسلة الرتب والرواتب» عن ذهنية حكام هذا البلد ومماطلتهم في السير بها ما عدا لشهر واحد بسبب مراجعة قانون الضرائب الذي لم يكن هذا البلد في حاجة اليه لو جرى ملاحقة الفساد والمفسدين ومنع الهدر في الوزارات التي تنوء بميزانيات ضخمة لمستشارين محسوبين على الكتل السياسية المسيطرة على القرار، وغض النظر عن التهرب الضريبي والسمسرات المعتادة في الصفقات والمشاريع المختلفة، ومكافحة التهرب من الضرائب في المرفأ والحدود البرية لصالح من ينتمي الى هذا الحزب أو ذاك فيا عجباً.
عندنا في لبنان مثلاً عجيبة ينفرد بها هذا البلد المتباهي بالديمقراطية والعدالة والحرية نجد فيه السلاح المتفلت فيما فئة تحتكر حمل السلاح بمختلف أنواعه وتمارس ما يسمى بسرايا المقاومة ما شاء لها من حروب وممارسات رغم الدولة والمؤسسات الشرعية وتجر البلد الى محاور في غنى عنها بعد أن ارتضى مبدأ النأي بالنفس، وهذا ما لا نجده في أي بلد في العالم.
ونبقى في لبنان بلد العجائب بحق حيث تنفرد حكمته بخليط من القوى السياسية وكل يغني على ليلاه ويمارس كل وزير ما يحلو له من مبادرات خاصة ولو كانت على نقيض سياسة الحكومة بأسرها ويعمل على جر لبنان الى الحوار مع نظام الأسد ويسعى الى اعطاء هذا النظام براءة ذمة مما ارتكبه في لبنان طوال ربع قرن من آثام ومجازر وتعسف وظلم وتنكيل بمواطنيه دون رحمة أو شفقة.
وعندما نتحدث عن سوريا، فإن العجب العجاب في هذا البلد الذبيح إقدام نظامه على إبادة شعبه وتهجير الآمنين والاستعانة بالروس والايرانيين وميليشيا حزب الله من أجل الحفاظ على النظام الذي يتمنى العدو الاسرائيلي ألا يسقط لأنه خير صديق له يقوم بحماية الحدود في الجولان المحتل ويتولى بدلاً عنه تصفية الشعب السوري والمساهمة في تقسيم هذا لبلد الى كانتونات مذهبية متنافرة.
ويزداد العجب مما نسمعه ونراه في مصر من إقدام النظام الانقلابي العسكري فيه على حق القضاة الموالين على اصدار الحكم بالسجن المؤبد على الرئيس الشرعي محمد مرسي لإقدامه على «جرم» في الوقت الذي يلتقي رئيسه بنيامين نتنياهو رئيس وزراء العدو الاسرائيلي الذي بات على ما يبدو صديق بعض العرب بكل وقاحة وعار... عجباً.
في حين يعمد هذا النظام وعدد من دول الخليج على حصار دولة قطر وشن حرب اقتصادية سافرة تسر العدو الاسرائيلي وتزيده تعسفاً في الأرض المحتلة دون أي استنكار أو إدانة من هذه الدول، لا بل أن هناك مساعي لمصالحة هذا العدو والتطبيع معه. فيا عجباً. 
ويفجع المسلمون في أنحاء العالم بالمجازر التي يتعرض لها مسلمو بورما (ميانمار) الملقبين بالروهنجيا والتي أسفرت عن مقتل مئات الألوف من النساء والأطفال وتهجير نحو ثلاثة ملايين مسلم الى بنغلادش المجاورة وسط استنكار خجول من الأمم المتحدة التي تسمي المجازر البورمية مجرد نزاع داخلي مع العلم أن رئيسة البلاد حائزة على جائزة نوبل للسلام... عجبا.
إنه زمن العجائب المنتشرة في أكثر من بلد عربي وإسلامي يضيق الخناق على شعبه ويفتح قلبه وبلاده للعدو الاسرائيلي الذي بات على ما يبدو صديق بعضهم بكل وقاحة للأسف. فواعجباً.}