محمد سعيد الحايك

تشهدُ الساحة السُنّية في لبنان، مراهقة سياسية، أقرب ما تكون وفق المعطيات المؤسفة على الأرض إلى «المسخرة» أو أفلام الرسوم المتحركة على أفضل تقدير.
لكن وبخلاف خفة ظل «القط» و«الفأر» وغيرهما من الشخصيات الكرتونية الأخرى، التي تُضحك الكبار قبل الصغار، لا تمت سذاجة وسطحية وغباء من يصفون أنفسهم بزعماء المسلمين في لبنان إلى فصول الفُكاهة بصلة. 
لا يكترث المسؤولون - غير المسؤولين - بالنار التي تأكل أبناء جلدتهم في سوريا والعراق، ولا يدركون تبعات مآلات التغيير الديمغرافي، والتطهير المذهبي الآخذ بالتمدّد على جنبات الحدود، كما لا يعنيهم «سرطان الداخل» الذي ينخر ويقضم بسراياه «المقاومة» ودولاراته «الطاهرة» النظيفة، بيئتهم الفقيرة المعدمة، وساحاتهم، وشوارعهم، وبيوتهم، وحتى غرف نومهم. 
رئيس الحكومة، سعد الحريري، لا يجاريه أحدٌ في فنون التنازل للخصوم، وحتى الأعداء، ولكن ذلك لا يُعقل أن ينسحب تحت أي ظرف من الظروف على إخوانه داخل «البيت الواحد». 
رغم انشغالاته التي لا تنتهي في ظل ازدحام جدول مواعيده اليومية بعشرات صور «السيلفي» الطارئة، يجد «ابن الشهيد» مساحة للطبخ والنفخ، والمشاركة في برامج الألعاب والمسابقات على شاشات التلفزة. 
نجيب ميقاتي، لا يشبه سلفه من حيث الشكل على الأقل، بيد أنه لا يقل شأناً عن الحريري في إجادة واحتراف المناورات، قبل أن يصبح «هيّناً» «ليّناً» بين أيدي صبيان «فخامة القاتل». 
فؤاد السنيورة، لم يُقَصِّر هو الآخر في واجباته، فقد  تحدث كثيراً عن دولة القانون والمؤسسات، ورفع الأعلام على الشرفات، قبل أن يتيقّن المسلمون (طبعاً بعد فوات الأوان) أنهم كانوا يشهرون راية الاستسلام بألوان الوطن هذه المرة. 
أسهب الرجل في مختلف المناسبات واللقاءات بالشرح عن الحسابات العامة، والتضخم، وميزان المدفوعات، والضرائب، والشفافية، والنزاهة، والتضحية، والوفاء، وأخذ «يطمطم» لغة الأرقام التي تبخّرت في عهده بقدرة قادر!
أما «قادة» الطائفة من الذين لم يتسنّ لهم استعادة مناصبهم كنواب ووزراء خلال السنوات العشر الماضية، لسبب أو لآخر، فهم لم يوفروا فرصة لتأكيد مرونتهم إزاء كل من يسعى إلى شرذمة الشارع السُنّي، وتفتيته، لا بل إبادته تحت عناوين حفظ الخط الوطني و«العروبة». 
رموز الطائفة الغارقة في بحور الفقر والحرمان، والبطالة، وغياب الخدمات، والإذلال، يختلفون،  ويتهمون، ويقاتلون، ويغدر بعضهم ببعض، غير أنهم في نهاية المطاف يجتمعون على قلب مخرج واحد، يرفعُ ويُسقط من المشهد «الدمية» التي يشاء.. ساعة يشاء!
ليت الفيلم السُنًي الطويل الذي يستحق أبطاله جائزة «أوسكار» لأسوأ أداء، يضحكنا، كما يفعل «توم وجيري»، لكنه للأسف ... يبكينا!