عبد القادر الأسمر

ابشروا أيها اللبنانيون الفقراء فقد انقضى شبح المجاعة وبدأ زمن الفقر وارتفع مستوى الدخل وبات في مقدور كل لبناني ان ينام مطمئناً إلى غده ومستقبل عائلته بعد كل معاناة وصراع مع شبح الفقر والعوز.
ولماذا لا ينبغي ان يستبشر اللبنانيون خيراً وقد عمت مهرجانات معظم البلدات والقرى اللبنانية بالمغنين يسلبون أموال اللبنانيين بعد ان ضنوا بها على مئات العائلات التي تعيش تحت مستوى خط الفقر.
ابشروا بالصيت الحسن الذي يضعنا في مصاف الدول الحضارية حتى لو استغربت الأمم هذه الازدوادجية في أحوالنا الاجتماعية بين مبذر مسرف لا يبتغي سوى «بسطه» ومهما كلفه ذلك من ميزانيات ومدخرات سيبذلها لمجموعة صغيرة لمتعهدي هذه المهرجانات، وبين مجتمع احتشدت فيه أنات المساكين وشكاوي العاطلين عن العمل.
فكيف لا يحنق معظم اللبنانيين من هذه الاحتفالات والمهرجانات التي لا تفي بحاجاتهم وتبقيهم في ذات الآمال, المهم ان ينبسط فئة قليلة من العائلات المترفة لا تلوي على سواها من الذين لازمهم القلق والضيق من أوضاعهم المأساوية على كل صعيد.
وكيف يفرح شعب عم فيه فساد ساسته وقادته وسماسرة يسلبون البلد ووارداته ويجعلونهم يتسكعون على أبواب الدول يستجدي دعماً للمشروع أو مساعدة للبرنامج الانمائي؟
عجيب أمر هذا البلد الذي «دوخ أمم الأرض» بتنقضاته بين فئة من اللبنانيين يملأون محطات التلفزة بالتهريج فيما غالبية اللبنانيين لا يجدون قوت يومهم.
ان احدى فضائح هذه البلد الذي لا تنتهي فضائحه بل له في كل يوم فضيحة وقضية فساد لا يمس أصحابها سوء أو محاكمة بل يظلون يرتعون في دهاليز المناقصات والعهود ولا من مدع عليهم أو مخبر يجرهم إلى محاكمات مالية. 
ترى ألم يسمع المعنيون بازدياد حوادث السرقات التي تعم البلد؟ والا يتساءلون عن سبب اضطرار صغار الموظفين لقبول الرشاوي؟
طبعاً اننا لا نبرر أمر السرقات والشكاوي ولكن أخبار الفضائح المالية والابتزاز والسمسرات التي يقوم بها كبار القوم قد  شجعت غيرهم على ان يقتدوا بها.
اننا في هذه المناسبة نطالب بإقامة مهرجانات بمناسبة «دفن الفقر» وعدم وجود عاطلين من العمل للقضاء على الفساد في إدارة الدولة وإنجاز مشروع إقامة مساكن شعبية ومهرجانات القضاء على الأمية وعمالات الأطفال.
وليهنأ اللبنانيون بجحافل النسوة يتبارين بفساتين السهرة ودعك من الحوارات السخيفة التي يتبادلها المقدمون مع المتأنقات والتي تدور حول الموديلات والأمنيات و أما العشاء الفاخر الذي امتد على الطاولات تضيق بعشرات الصحون المنوعة فضلاً عن المشروبات الكحولية وما على الشعب الا ان يتفرج على مصير هذا الطعام الذي ينتهي به الأمر إلى سلة المهملات انه البطر والسفه وما علينا الا ان نصفق لهم لأننا« قبرنا الفقر» بهذه المهرجانات والحفلات الباذخة.
ويا أيها اللبنانيون المناضلون من أجل السترة والسلامة اهنأوا بهذه البلد الذي  يتحكم به فاسدون وبطرون وشلل الفساد. 
أما عن كرنفالات التكريم التي تمنح لمن هب ودب من مغنين ومغنيات وأصدقاء فيما كان جديراً بأولي الأمر ان يوزعوا «جوائز الأوسكار» على أشرف موظف وأعظم عائلة مكافحة وأعظم امرأة أرملة مكافحة في سبيل تعليم أولادها وأشطر شاب كان طفلاً يعمل في الليل  ويدرس في النهار طلباً للعلم أو الاحتفال بأبرع بلدية قدمت مشاريع مفيدة للبلدة وعندها يستحق هذا الوطن ان يحتضنه أهله ويذود عنه ولم لا فقد دفن الفقر ولتذهب مهرجانات البلاغة والميوعة إلى «تنتات» المجتمع البازخ وحشود العجائز المتصابين.