عبد القادر الأسمر

ثماني سنوات واللبنانيون يأملون من نوابهم الممددين انجاز قانون انتخابي يوصف بأنه عصري وعادل ومتوازن. فلم يفلحوا في اختيار هذا القانون أو بالأحرى لم يكونوا على مستوى المسؤولية المنوطة بهم ولم يعكفوا على مناقشة الاقتراحات المقدمة من الكتل والنواب، والتي نفذت 17 قانوناً جرى تقليصها الى ثلاثة مشاريع قوانين لم تتم مناقشتها بصورة جدية خلال المهلة المحددة لهم، ولم تخصص أي جلسة نيابية جادة في هذا الشأن، ما وضع النواب في موقف حرج بعد أن تعذر الخروج بصيغة قانون توافق عليه مختلف الكتل والتيارات السياسية. ولم يبقَ سوى عشرة أيام كحد أقصى لانتهاء مهلة اصدار القانون في 20 شباط الجاري وإلا فإن البلد معرض للوقوع في الفراغ كما هدد رئيس الجمهورية ميشال عون مؤكداً ألا تمديد ثانياً للنواب وليتحمل كل مكون لبناني مسؤوليته في عدم إنقاذ الوضع السياسي للوقوع في أزمة سياسية حادة ونكسة لهذا العهد الذي أعلن رئيسه أنه سينزل الى الشارع ليستفتي المواطن في القانون الذي يريده.
ويبدو أن هناك جهلاً في مواقف اللبنانيين المستائين من الاجواء السياسية المعقدة التي تفتعلها الكتل السياسية المتحفظة على أي قانون من القوانين الثلاثة المقترحة ولم تتفق كتلتان نيابيتان على مشروع واحد ما عدا توافق التيار الوطني الحرّ وحزب القوات اللبنانية على النسبية التي يعتبرها  النائب وليد جنبلاط مؤامرة على زعامته في الشوف وعاليه وتقليص عدد نوابه وسحب النواب المسيحيين من كتلته لصالح تحالف عون-جعجع الذي يهدف الى مصادرة النواب المسيحيين من تأثير الناخبين المسلمين.
ولقد كان النائب وليد جنبلاط صريحاً وحريصاً على سير قانون الستين دون أن يأبه بآراء معظم الكتل السياسية وهو لذلك انتدب وفداً من «اللقاء الديموقراطي» الى كل الكتل النيابية تحت شعار «رفض الالغاء والعمل وفق دستور الطائف» الذي لم ينصّ صراحة على قانون بعينه.
ويصرّ وليد جنبلاط على موقفه الذي ينطلق من حرصه على تكريس زعامته وهو يشير بطرف خفي الى مخططات من أطلقوا قانون النسبية والقانون المختلط ولا يأبه بتغريدات الرئيس عون وحتى لو وصل الامر الى تمديد ثانٍ أو الفراغ.
فهنيئاً للدروز زعيمهم وليد جنبلاط الذي تحدى مخططات عون-جعجع التي تهدف الى تأطير النواب المسيحيين في جبهة متماسكة تفرض هويتها على الواقع السياسي اللبناني، وما جولات وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الى أميركا اللاتينية والدول الافريقية إلا خطوة في إطار دعوة المسيحيين المغتربين لاستعادة جنسيتهم اللبنانية والعمل على إقرار مجموعة من النواب يمثلون المغتربين اللبنانيين.
إننا نحيي النائب جنبلاط على غيرته على طائفته والتمسك بزعامته ودوره التاريخي ونتمنى من زعمائنا استلهام موقفه في الحفاظ على حقوق طائفتنا بعيداً عن التهويل والضغوطات. وإنّ لبنان لا يبنى بعزل مكوّن سياسيّ أساسيّ من دوره في الحفاظ على رسالة لبنان دون غلبة فريق على آخر. وعلى الجميع أن يدركوا أنه لا يمكن عزل مكوّن أو سيطرة مكوّن آخر على مجريات السياسة العامة وإنّ موقف جنبلاط الجريء هو درس لكل من يحاول أن يعبث بهذا الوطن لصالح فئة أو طائفة أو تيّار أو حزب أو حركة.
وعنّا لأمر زعماء الطائفة السنية المشتتين والحائرين في مواقفهم الملتبسة والمبهمة.