عبد القادر الاسمر

والفاحشة هي الشنيع من القول أو الفعل، وهي خارجة على الأخلاق العامة وتروج لمفاهيم هابطة وقيم منحلة وتتحدى الرأي العام بطروحاتها الشاذة وتتسلل الى المجتمع النظيف بإغراءات وترغيب يلامس الغرائز المختلفة ويحقق لها السيطرة على الغالبية من أصحاب القرار ويسعون إلى نسف الأعراف والتقاليد السائدة لصالح مخطط تحدث عنه بروتوكولات وحكومات صهيون بكل وضوح ووقاحة.
ويخوض اللبنانيون في هذه الأيام معركة صامتة وغير متكافئة مع مروّجي الفواحش في التلفزيون والسينما والعديد من المجلات الفنية السخيفة.
نقول انها معركة غير متكافئة لأن شياطبن الفواحش لهم مواقع ونفوذ في وسائل الإعلام المختلفة ويتسترون خلف ذريعة «حرية الإبداع» واستباحة المحرمات التي يدعون أنها متأصلة في المجتمع اللبناني وإنما يعرضون بعض صورها المنحرفة بداعي التحذير منها وهذا محض أكذوبة لا تنطلي على أحد ولا تجد لها سبيلاً إلا الإقرار بها وتصديقها.
ولقد جرى الحديث في مقالة سابقة عن «سوق الجواري» التلفزيوني المشين الذي أطاح كل مفاهيم الحياء والخجل بعرضه لثلاثين فتاة يفرغن أحط أنواع العبارات المقذعة والإيماءات الجنسية والتغزل بشاب عليه يختار احدى المشتركات اللواتي يبتدعن آخر صرعات البذاءة والفحش في القول والفعل.
وليس برنامج سوق الجواري وحده في هذا المجال، بل إن معظم محطات التلفزة تتنافس على جذب المشاهد والفتاة المراهقة إلى عالم الفجور ما لم نكن نشهده من قبل ويؤشر إلى كارثة أخلاقية تطيح العائلة اللبنانية وتقضي على جهود الأسرة في صيانة أولادها من البرامج والمسلسلات والأفلام والاسكتشات التي تُعرض في المطاعم والتي استبيحت فيها كل المحرمات من لفظ وقول وإشارة وكان يمكن هذه الاسكتشات أن تبقى حبيسة المطاعم «الفاخرة» إلا أن نقلها في التلفزيون أشاع الفحشاء ونشر الحوارات المقذعة والمواقف الشاذة التي يندى منها الجبين وخاصة الترويج للشذوذ الجنسي والخيانة الزوجية والتفلت من مسلمات الاخلاق تحت ستار الاضحاك والاسترخاء من المشاكل اليومية والسياسية.
ولعل ثالثة الاثافي هذه الأفلام «اللبنانية» التي يفبركها منحلون وبعيدون عن قيم العائلة، وقد لوحظ هذا الازدهار في مثل هذه الأفلام التي لا تلتزم معايير المجتمع الرصين وتستبيح حرمات اللبنانيين الذين يتساءلون عن سر غياب الرقابة عنّا ويرون أن المؤامرة على الأخلاق العامة ماضية في مخططاتها إن لم تتصدَّ لها فعاليات المجتمع ومرجعياته الدينية من مختلف الطوائف التي آن الأوان لها من أن تدلي برأيها في هذه الانحرافات التي تروج الفاحشة وتنسف مفاهيم الحياء والشرف والآداب العامة.
إننا لم نكن نحتاج إلى دعوة الفعاليات المختلفة، ومنها وزير الإعلام ملحم الرياشي، والمجلس الوطني للإعلام، لو أن هذه الأفلام بقيت حبيسة دور السينما وبقيت الاسكتشات حكراً على المطاعم، ولكن عندما رأيناها تخرج للعلن، عندها ندق جرس الإنذار من المخاطر المحدقة في شبابنا الذين يكفيهم بعض المسلسلات الساذجة والغريبة عن واقعنا التي تتحدث عن قصص حب بعيدة عن تقاليدنا العريقة حتى بتنا نخشى أن تنقلب مفاهيمنا الراقية إلى انحدار في العلاقات الإنسانية الشريفة. 
وإلى من بيدهم الأمر والسلطة لا تقنعونا بأنه ينبغي لنا أن نتشبث بـ«الريموت كونترول» لنغيّر ما نستاء منه ذلك بأننا لا نعثر على برنامج ثقافي أو اجتماعي يعزز قيم العائلة اللبنانية والتربية السليمة. وإن خطورة هذه الأفلام والمسلسلات والاسكتشات أنها تشيع الفاحشة وهو ما يسعى إليه القيمون عليها لنصبح شركاء في الفساد والانحلال.
إننا نطالب أيضاً وزير الدولة لمكافحة الفساد نقولا تويني بأن يتدخل في هذا الشأن لأن الفساد المالي ليس أكثر خطورة على المجتمع من الفساد الأخلاقي والوقوف في وجه الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في المجتمع.