العدد 1561 /3-5-2023
د. وائل نجم

الحدث الأبرز في المنطقة خلال الأيام الماضية بعيداً عن الصخب والضجيج الذي تشهده العاصمة السودانية الخرطوم كان في العاصمة الأردنية عمّان. فقد جمعت عمّان وزراء خارجية الأردن والعراق والسعودية ومصر إضافة إلى وزير خارجية النظام السوري أيّ 4+1. النقاش في اللقاء الذي امتدّ ليوم كامل تقريباً تركّز على المسألة والموضوع السوري، بدءاً من نقاش إعادة سوريا إلى الجامعة العربية، وبالمناسبة هناك تحفّظ من بعض الدول (قطر،الكويت، مصر، المغرب)؛ مروراً بإعادة اللاجئين السوريين إلى سوريا وقد باتوا يشكّلون عبئاً كبيراً على البلدان المجاورة، ومؤخراً شهد لبنان ضجّة كبيرة حول ترحيل اللاجئين السوريين أو إعادتهم إلى بلدهم بغض النظر عن المآلات أو المصير الذي ينتظرهم؛ وصولاً إلى الحديث عن الحلّ السياسي الذي يُعتبر شرطاً أساسياً وأولياً لإعادة الأعمار.

المهمّ في هذا اللقاء أنّه جاء بعد اللقاء الذي جمع وزراء خارجية دول الخليج في السعودية إضافة إلى مصر والأردن والعراق، وبعد زيارة وزير الخارجية السعودي إلى دمشق ولقائه رأس النظام السوري، وبعد المبادرة الأردنية تجاه دمشق والتي ارتكزت إلى خطوة مقابل خطوة؛ والمهمّ الآخر في هذا اللقاء أنّه حصل بحضور وزير خارجية النظام السوري حيث جاء اللقاء استكمالاً للمسارات الأخرى التي تقدّم الحديث عنها.

البيان الذي صدر في ختام اللقاء باسم المجتمعين ركّز على الحلّ السياسي تحت سقف الأمم المتحدة وانطلاقاً من القرار الدولي 2254 والذي ينصّ على الحلّ السياسي وعلى تشكيل هيئة حكم انتقالية بمشاركة المعارضة وبإرادة السوريين. كما ركّز البيان على إعادة اللاجئين السوريين عودة آمنة إلى أماكنهم التي كانوا فيها، فضلاً عن إيصال المساعدات إلى النازحين على كل الأراضي السورية دون ذكر أي تفصيل سواء في مناطق النظام أو في المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة في الشمال أو الشرق السوري. ناهيك عن إخراج كل الميليشات من الأراضي السورية والحفاظ على وحدة الأراضي السورية.

النقاط التي تضمّنها البيان والموافقة عليه من قبل الوزراء المشاركين يُعدّ أمراً جيداً في هذه المرحلة، خاصة وأنّ وزير خارجية النظام كان حاضراً وموافقاً على ما ورد في البيان، بل أنّ وسائل الإعلام التابعة للنظام السوري نشرت البيان بحرفيته، غير أنّ العبرة تبقى في التنفيذ وفي تحويل ما تمّ الاتفاق عليه إلى جدول عمل واضح بحيث يتمّ تنفيذ الخطوات بشكل متدرّج وخطوة مقابل خطوة، وهنا تدخل التفسيرات الخاصة التي يمكن أن تكون كفيلة بنسف ما تمّ الاتفاق عليه وإعادة عقارب الزمن إلى الوراء.

إنّ السؤال الذي يطرح نفسه حالياً هو هل سيفي النظام السوري بتعهداته وينخرط في حلّ سياسي حقيقي وجدّي؟! وهل سيضمن عودة آمنة للاجئين السوريين إلى ديارهم؟! وهل سيقبل بتشكيل هيئة حكم انتقالي تشرك المعارضة معه في السلطة؟! وهو الذي يعتبر نفسه أنّه قد خرج منتصراً من هذه المعركة؟!

الحقيقة هناك كمّ كثيف من الشكّ في أن يشكّل هذا الاتفاق مدخلاً حقيقياً للحلّ السياسي، خاصة وأنّ النظام السوري بعث بأول رسالة سلبية عندما امتنع وزير خارجيته عن حضور المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه وزير خارجية الأردن البيان الختامي للقاء، وكان من المقرّر والمفترض أن يحضر هذا المؤتمر. كما راحت وسائل إعلامه تفسّر بعض ما ورد في الاتفاق وفقاً لما تراه في مصلحتها بما أعطى انطباعاً على عدم جدّية الالتزام بهذا الاتفاق. ولكن في المقابل فإنّ خيارات هذا النظام أمام التحدّيات الماثلة أمامه ليست كثيرة، في مقابل التحدّيات العديدة التي تنتظره، وبالتالي فإنّ مجرد الحضور في اللقاء يعطي انطباعاً آخر عن استعداده لتقديم شيء ولكن ليس بالمستوى الذي يطمح إليه الشعب السوري ولا الدول التي تريد أن تضع حدّاً لهذه المأساة.

أغلب الظنّ أنّ الأطراف جميعاً تريد شراء الوقت والحفاظ على الوضع القائم حالياً بانتظار متغيّرات قد تحصل على الساحتين الإقليمية والدولية وعندها قد يكون للموضوع حديث آخر.

د. وائل نجم