عقد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوم الأربعاء في موسكو، محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتن ياهو، وسط ترجيحات بأن يهيمن الملف السوري والنفوذ الإيراني في سورية على جدول أعمال المحادثات، في ظل سعي موسكو للحفاظ على اتصالاتها بكافة الأطراف المعنية بالقضية السورية.
وما يزيد من قوة هذه التكهنات، هو استمرار الهجمات الإسرائيلية في سورية، بما في ذلك على قاعدة التيفور بمحافظة حمص عشيّة الزيارة، ناهيك عن المؤشرات لبقاء الوجود الإيراني من النقاط القليلة القابلة للمساومة خلال القمة المرتقبة بين بوتين ونظيره الأميركي، دونالد ترامب، في هلسنكي الفنلندية في 16 تموز الحالي.
وفي هذا الإطار، تتوقع الصحافية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط، ماريانا بيلينكايا، أن «تتركز أجندة لقاء بوتين ونتن ياهو في موسكو على العمليات العسكرية جنوب سورية وردع النفوذ الإيراني». وتقول بيلينكايا إن «تل أبيب تبحث عن ضمان غياب القوات السورية عن حدود سريان اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974، وأيضاً لإقامة منطقة خالية من القوات الموالية لإيران على مسافة 80 كيلومتراً من الحدود الإسرائيلية (فلسطين المحتلة)».
وحول قدرة روسيا على الإسهام في انسحاب القوات الإيرانية من سورية، تضيف: «لا تستطيع روسيا إخراج العناصر الإيرانية من كامل الأراضي السورية، بل حتى من الـ80 كيلومتراً على الحدود الإسرائيلية (فلسطين المحتلة)، الأمر الوحيد الذي تستطيع روسيا أن تضمنه، هو ألا تشارك القوات الموالية لإيران وحزب الله في العمليات العسكرية جنوب سورية، بشكل علني على الأقل».
وفي ما يتعلق بموقف موسكو من الغارات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، تتابع: «تعطي روسيا الضوء الأخضر للضربات الإسرائيلية طالما كانت تقتصر على استهداف القوات الموالية لإيران، دون المساس بالقوات الحكومية السورية ولا تعرقل العمليات العسكرية الروسية». إلا أن ماريانا بيلينكايا لا تتوقع أن تنال القضية الفلسطينية هامشاً كبيراً من المحادثات بين بوتين ونتنياهو، وستقتصر على تبادل الآراء، في ظل تمسك روسيا بموقف مفاده أنه «لن يكون هناك حل بلا مفاوضات مباشرة».
من جهتها، حذرت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية من خطورة التحالف الروسي الإيراني بعد سيطرة قوات النظام السوري على المحافظات الجنوبية. وفي مقال بعنوان «التحالف مع إيران يصبح خطراً على روسيا»، ذكّرت الصحيفة بأن «الوجود الإيراني كان من عوامل التصعيد في المنطقة»، بينما «شنت القوات الجوية الإسرائيلية في الأشهر الماضية، ضربات متكررة على الجنوب السوري بحجة منع تمركز مقاتلي الفصائل الموالية لإيران بالقرب من حدودها».
وأوضحت الصحيفة أن «روسيا تجري محادثات مع إيران، إلا أن مدى استعداد طهران للوفاء بالمطالب المقدمة إليها، لم يتضح بعد»، مشيرة إلى «اندماج المقاتلين الإيرانيين في قوات النظام، سواء في اللواء الـ105 التابع للحرس الجمهوري أو الفيلق الرابع للدبابات».
وخلصت «نيزافيسيمايا غازيتا» إلى أن «الوضع الراهن يضع أمام موسكو مهمة إظهار مهارات الدبلوماسية مع شريك معروف بموقفه الثابت من سورية (أي إيران)، وأيضاً الحفاظ على سمعتها في عيون اللاعبين الدوليين»، محذرة من أن «الانتقال إلى المعسكر الأميركي - الإسرائيلي سيجعل تحالف روسيا مع إيران خطراً».
وإلى جانب الملف السوري، من المنتظر أن تتناول محادثات بوتين ونتنياهو آفاق التسوية الفلسطينية الإسرائيلية والخطة الأميركية المعروفة باسم «صفقة القرن»، خصوصاً أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس يزور موسكو يوم الجمعة المقبل.
وتسبق موسكو قمة بوتين وترامب بمجموعة من اللقاءات الدولية، بما فيها محادثات بين وزيري الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، والأردني أيمن الصفدي، في الأسبوع الماضي، التي تطرقت أيضاً إلى الوضع جنوب سورية، بالإضافة إلى لقاءي بوتين مع نتن ياهو وعباس هذا الأسبوع.
وبحسب وكالة «بلومبيرغ»، فإن «قمة بوتين وترامب قد تسفر عن تثبيت الاتفاقات بشأن جنوب سورية بعد موافقة روسيا على ضمان انسحاب القوات الموالية لإيران من الحدود مع إسرائيل والأردن مقابل إبقاء المنطقة تحت سيطرة قوات النظام».
يذكر أن نتن ياهو يزور موسكو ويلتقي مع بوتين للمرة الثالثة هذا العام، وكانت أولاها في 29 كانون الثاني الماضي، والثانية في 9 أيار، حين حضر رئيس الوزراء الإسرائيلي الاستعراض العسكري بمناسبة الذكرى الـ73 للنصر في الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945)، وعشية زيارته الحالية، أكد نتن ياهو أنه «سيجدد خلال اللقاء تأكيده أن إسرائيل لن تسمح بتثبيت الوجود الإيراني في أي مناطق سورية، وسيطالب قوات النظام بالالتزام باتفاقية فك الاشتباك لعام 1974».}