العدد 1331 / 3-10-2018
خمسة
اشهر تكاد تمرّ على الانتخابات النيابية ، التي افرزت كتلاﹰ سياسية أجمعت على
تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل "حكومة العهد" . لكن الأيام مرّت
والأسابيع والشهور ، وتشكيل الحكومة
مايزال يراوح مكانه ، تحت عنوان المشاورات و تقاسم الحصص و احترام الأحجام والأوزان
التي أفرزتها الانتخابات .
وقد
حملت عملية تشكيل الحكومة أعرافاﹰ جديدة تكاد تصبح التزامات دستورية ، مع ان
"دستور الطائف" الذي لم تمض على اعتمادة سوى سنوات ، حدّد الصلاحيات
بشكل واضح بين الرئاسات الثلاث : رئاسة الجمهوريةو رئاسة المجلس النيابي و رئاسة الحكومة . وقد اجرى الرئيس سعد الحريري
مشاورات واسعة ، يفترض بها ان تعزز توزيع الحقائب الوزارية على الكتل النيابية ، لكنها
لم تحمل جديداﹰ ، و ما تزال القوى السياسية تتزاحم ، و تتنازع الحقائب الوزارية ،
وعلى رأس هؤلاء رئيس الجمهورية و حزبه القوي "التيار الوطني الحرّ"،
فالى متى ، و لماذا هذا التدافع و التنازع ؟
منذ
شهرين حمل الرئيس الحريري حصيلة مشاوراته الى قصر بعبدا ، وقدم التشكيلة الني وصل
اليها الى رئيس الجمهورية ، و يفترض بهذا الأخير ان يكتفي بابداء ملاحظاته على
التشكيلة التي قدمها الحريري ، لكن الرئيس عون تسلم التشكيلة المقدمة و ذهب في غيبة طويلة عن الحديث حول تشكيل
الحكومة ، ولم يجر أي تواصل (معلن) مع الرئيس المكلف للتداول في تشكيل الحكومة .. في
حين تتبادل الكتل النيابية الاتهامات حول حقوقها المهضومة و الحقائب التي يحق لها
توليها .. بينما الرئيسان الموكلان بحق التشكيل و التوزيع لا يكادان يتحدثان عن
العقبات التي تحول دون انجاز تشكيل الحكومة .
معروف
ان الرئيس الحريري هو الذي يحاور و يدير دفّة عملية تأليف الحكومة ، لكنه يلتزم
الرباط في "بيت الوسط" ، و يسافر شرقاﹰ و غرباﹰ ، و يشارك في المناسبات
العائلية والاجتماعية ، بينما الشعب اللبناني يعاني مرارات الفراغ الحكومي ، و
يواكب تغيّرات زعماء الكتل النيابية وردود الفعل عليها ، مع أن "الرئيس
المكلف" هو المولج بكل ما يتعلق بتشكيل الحكومة ، خاصة بعد المشاورات الملزمة
التي اجراها رئيس الجمهورية ، وخلصت الى تكليف الرئيس الحريري بأغلبية واضحة دون
منازع او مزاحم ، فمن الخاسر و من الرابح في اطالة أمد الفراغ الحكومي هذه الاشهر
الخمسة الطويلة ؟!
رئيس
الجمهورية يرابط في قصر بعبدا ، يزوره كبار الرسميين من لبنانيين و أجانب ، و يلقي
كلمة لبنان في الهيئة العامة للاممم المتحدة ، وسوف يترأس قريباﹰ العرض العسكري
للجيش اللبناني في ذكرى الاستقلال .. فماذا لو طالت فترة الفراغ الحكومي ؟! رئيس
مجلس النواب (نبيه بري) يرابط في عين التينة ، و يزوره كل من يزور لبنان من رسميين
و دبلوماسيين ، وهو الرئيس الثاني دون منازع . أما الرئيس الثالث فهو مجرد
"رئيس مكلف" ، أو رئيس حكومة
تصريف الأعمال ، لا يستطيع عقد جلسات مجلس الوزراء ، وبالتالي فان كل وزير يصرّف
شؤون وزارته ، و يدير شؤون حقيبته بكامل الصلاحية .. قالرئيس المكلف هو الخاسر
الاكبر في اطالة فترة الفراغ الحكومي ، وهو المعني بوضع النقاط على الحروف ..
فلماذا لا يبادر الى تشكيل الحكومة بالشكل الذي يختاره ، ويترك لرئيس الجمهورية
قبولها أو رفضها أمام الرأي العام ، وبالتالي فهو المسؤول عن الفراغ الحكومي .
اما عن
الشأن السياسي البالغ الأهمية ، فهو ما ادلى به نتن ياهو (رئيس حكومة الكيان
الصهيوني) و ما تحدث عنه وزير دفاعه و رئيس اركان حربه حول الأسلحة والصواريخ المدفونة قرب مطار بيروت
، فهو يستثمر الفراغ القائم في البلد ، و كأن لبنان لا يحق له امتلاك أسلحة
وصواريخ ، مدفونة على بعد حوالي مائة كيلومتر من حدوده مع الكيان الصهيوني ؟!