العدد 1509 /20-4-2022

كشفت آخر التقارير الأممية حول الوضع في لبنان أنّ نسبة الفقر ارتفعت مع نهاية العام 2021 وبداية العام 2022 إلى ما يقارب 80%، وأنّ الفقر المدقع بلغت نسبته حوالي 45% وأنّ البطالة في ارتفاع دائم، وأنّ التضخّم أيضاً، وأنّ مشكلات اللبنانيين لا تنتهي فصولاً من المياه إلى الكهرباء أمّ المشكلات، إلى النفايات، إلى المواصلات والاتصالات، إلى المحروقات، إلى الدواء، إلى لقمة العيش والغذاء إلى ما هنالك من أمور تُعدّ وتُحصى أو لا تُعدّ ولا تُحصى، والقاسم المشترك بينها وفيها أنّها تصيب أغلب اللبنانيين وفي كل المناطق والمكوّنات، حتى أنّ معدل الجريمة وفقاً لتقارير القوى الأمنية قد ازداد عن السابق وارتفع بشكل مخيف ولعلّ آخرها جريمة قتل الصيدلانية في المروج داخل الصيدلية التي تعمل بها، فضلاً عن أنّ أحزاب وقوى سياسية بارزة في البلد اضطرت إلى استدعاء الدولة بأجهزتها العسكرية والأمنية من أجل تفعيل الحضور الأمني والعسكري في بعض المناطق بسبب تفشّي ظاهرة السرقة والسطو المسلح والتشليح بقوة السلاح وفي وضح النهار. ولكن السؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل لبنان، إلى متى تظلّ الأمور على هذا الحال؟ وإلى متى يستمر مسلسل الإفقار والتخويف والابتزاز الذي يحيل حياة اللبناني إلى ما يشبه الجحيم؟

لقد بتنا على مسافة أسابيع قليلة من الاستحقاق الانتخابي في الخامس عشر من شهر أيّار المقبل، والجميع يؤكّد على حصول هذا الاستحقاق في وقته، والكثير يتطلع إلى هذا الاستحقاق على أنّه فرصة حقيقية للتغيير وبداية الخروج من هذا النفق المظلم ومن هذه الأزمات التي تتناسل وتتكاثر بشكل جنوني، ولكن السؤال الجوهري في هذا السياق، من الذي يمكن أن يصنع التغيير؟ ومن الذي يمكن أن يخرج لبنان مما هو فيه؟ بمعنى آخر ما هو الدور المطلوب من الشعب، ومن الناس في هذا الاستحقاق؟

الحقيقة أنّ الانتخابات النيابية المقبلة فرصة حقيقية للتغيير والخروج من هذا النفق، وهذا يتطلب من المواطن اللبناني، من الناخب الذي يعاني من الأزمات ويتكبّد الأكلاف الكثيرة والكبيرة من أجل العيش بالحدّ الأدنى من الكرامة، من الانسان الذي لم يعد لديه ما يخسره في هذا البلد بعد أن سلبوه حقوقه وأخذوا مدخراته وحجزوا على أمواله في البنوك والمصارف مقدمة لنهبها والسطو عليها، بعد كل ذلك هل بقي للبناني ما يخسره؟ هل بقي له ما يحافظ عليه إذا لم يحافظ على وطنه؟

المسؤولية بعد اليوم تقع بشكل كبير على عاتق المواطنين، على عاتق كل ناخب وناخبة يمكنه الذهاب إلى صناديق الاقتراع من أجل صناعة التغيير الحقيقي عبر الخروج من تحت هيمنة تلك القوى التي لطالما أخافت اللبنانيين من بعضهم ثم هي التي ذبحتهم وسطت على أموالهم وحوّلتهم إلى متسولين وفقراء وبائسين.

المسؤولية اليوم تقع على عاتق الناخبين من أجل أخذ القرار بالتغيير عبر التوجّه إلى صناديق الاقتراع بكثافة والتصويت لصالح من يرون فيه أملاً للإخراج البلد من أزماتها، وليس لأولئك الذين امتطوا ظهور اللبنانيين واكتفاهم على مدى أكثر من ثلاثة عقود من الزمن.

المسؤولية اليوم هي في رقبة كل ناخب من أجل الذهاب إلى صناديق الاقتراع وعدم الاكتفاء بالبقاء في المنزل ولعن الأزمات التي يكابدها ويعيشها. ومن ثمّ عدم تجديد الثقة لهذه الطبقة المسؤولة عن كل مآسينا وعن كل ما وصلنا إليه، لا تحت عنوان "ما في غيرن" ولا تحت عنوان "حماية الطائفة أو المذهب". فهذه الطبقة برموزها وشخصياتها وقواها هي التي أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه وزرعت في نفوسنا القطيعة لبعضنا، فآن لنا أن نقول لها كفى، وأن نخرجها من "اللعبة" السياسية ومن أجل إنتاج قوى وشخصيات وطنية جديدة تحظى بالثقة والاحترام وتعمل كرجال دولة لإنقاذ ما تبقّى من لبنان.

د. وائل نجم