العدد 1336 / 7-11-2018

مازالت أزمة تشكيل حكومة العهد تراوح مكانها . فقد أنجز الرئيس سعد الحريري مشاورات التشكيل خلال أيام ، ثم تسلّم من الكتل النيابية الحقائب التي تسعى للحصول عليها ، وبعد أن جرى حلّ عقدتين الدرزية والمسيحية .. لم يسلم حزب الله لائحة مرشحيه للوزارات التي أعطيت له بدعوى أن هناك كتلة من النواب (المسلمين السنة) ماتزال تنتظر دعوتها الى القصر الجمهوري أو الى بيت الوسط ، تمهيداﹰ لمنحها حقيبة وزارية أسوة ببقية الكتل النيابية . وهنا تعقدت العقدة ، فالنواب الستة لم يشكلوا كتلة ولا حزباﹰ ، وكل واحد منهم ينتمي الى تيار سياسي ، او الى تكتل دون آخر ، وقد يكون بعضهم معارضاﹰ للرئيس الحريري او لرئيس الجمهورية ، فكيف يكون عضواﹰ في مجلس وزراء ، وليس فيه موالاة أو معارضة ، وانما هو فريق عمل يشترك في صياغة بيان وزاري مشترك ، تنال الحكومة على اساسه ثقة المجلس النيابي ، لتتابع عملها بموجبه ، وتعالج الأزمات المستعصية التي يعاني منها البلد منذ ستة أشهر ، وتكاد تعصف بأمنه واستقراره ، ورخائه الاقتصادي الذي ينشده .

بعض المراقبين ، او المصطادين في الماء العكر ، يأخذون على الرئيس الحريري غيابه عن البلد ، في وقت يعاني فيه فراغاﹰ اقتصادياﹰ وسياسياﹰ ، ويعتبرون هذا الغياب هروباﹰ من المسؤولية الوطنية التي ألقاها المجلس النيابي على كاهله . لكن ماهو المطلوب من الرئيس الحريري بعد انجاز مشاوراته الوزارية ، وتسليمها مع أسماء الوزراء المرشحين لحقائبها لرئيس الجمهورية ، سوى مرشحي حزب الله ، بانتظار موافقته على اعطاء حقيبة وزارية لاحد النواب الستة ، الذين لم يجمعهم سوى الطموح لحيازة مقعد وزاري بدعم من كتلة حزب الله في المجلس النيابي .

تركزت طموحات هؤلاء النواب الستةعلى أن يحوزوا دعم وتأييد رئيس الجمهورية ، لكن الرئيس أمسك عن تلبية هذا الطموح ، خاصة في موقفه الواضح الذي أعلنه خلال حواره مع بعض الاعلاميين يوم الأربعاء الماضي ، حين اتخذ موقفاﹰ مؤيداﹰ وداعماﹰ للرئيس الحريري ، ورغبته في أن يكون رئيس الوزراء قوياﹰ ، بصرف النظر عن هذه الاشكالية أو سواها .

والآن ، سوف يعود الرئيس الحريري من باريس خلال أيام ، وقد وظف غيابه عن البلد باجراء اتصالات عربية ودولية ساهمت في ايجاد حلول للأزمات الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها البلد ، وأبرزها أزمة الكهرباء . وسوف يشارك الرئيس الحريري بالجلسة العامة لمجلس النواب ، ليس بصفتة الرئيس المكلف ، وانما رئيس حكومة تصريف الأعمال ، من اجل المساهمة في معالجة الأزمات المستحكمة والمستعصية .. فهل تكون أزمة "النواب الستة" قد طويت ؟ لا اظن ذلك ، لان موقف حزب الله من توزير أحدهم له خلفيات تدفع باتجاه الاستمرار في أجواء الأزمة بانتظار تسديد فاتورة سياسية لدى الحكومة القادمة قد تكون غالية الثمن .

فلائحة العقوبات الامريكية بحق ايران سوف تصل مفاعيلها الى لبنان ، وسوف يكون حزب الله (قيادات ومؤسسات) معنياﹰ بهذه العقوبات . كذلك فان القرار الاتهامي سوف يصدر قريباﹰ عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وذلك كان مبرر اصرار بعض القوى السياسية على ان يتولى وزارة العدل وزير بعينه ، ليس عضواﹰ في تيار المستقبل أو حزب القوات .

لكل ما سبق ، قد يطول أمد تشكيل الحكومة ، لأن مبررات المماطلة والتسويف قد تكون لها أسباب كثيرة ، بعضها داخلي ، وبعضها الآخر اقليمي أو دولي ، وما على اللبنانيين سوى الانتظار .