العدد 1456 /7-4-2021

من الواضح أنّ أفق تشكيل الحكومة بات مسدوداً بشكل كبير وكثيف، فالأسبوع الماضي، وعلى الرغم من بلوغ الأزمة الحياتية والمعيشية حدّاً لا يُطاق، لم تصرف الطبقة السياسية، أو الجهات المعنيّة بتشكيل الحكومة بشكل رئيسي، أي جهد جدّي لتذليل عقبات التشكيل، بل على العكس من ذلك ظلّ الفريق المتمسّك بالثلث المتحكّم بالحكومة على مطلبه وشرطه بالحصول على هذا الثلث لتسهيل عملية الولادة والتشكيل وكأنّ البلد بألف نعمة وخير، مُقدّماً بذلك منطق المحاصصة الذي يعطيه فرصة التحكّم والاستئثار على أي اعتبار أو شيء آخر حتى لو كان خلاص ونجاة الوطن، وعلى قاعدة "لتحترق روما، المهم أن أشعل سيجارتي".

مسألة تشكيل الحكومة باتت من التعقيد الذي بات ينذر بما هو أسوأ على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وصولاً إلى الأمنية.

لقد تداخلت في عملية التشكيل مصالح أطراف داخلية همّها الأول والأخير الاستئثار بالسلطة حتى لو كانت حطاماً ورماداً، ومصالح خارجية تريد أنْ تجعل من لبنان صندوقة بريد أو ساحة للاستخدام والاستغلال عند المنعطفات وفي لحظة التسويات والتنازلات، وفي الحالتين يزيد هذا الأمر الوضع تعقيداً وانسداداً.

على المستوى الداخلي يكاد طموح بعض الأطراف المتطلعة إلى السلطة والرئاسة وغيرهما يقضي على البلد ويدخله في أتون الفوضى والانهيار الشامل.

وعلى المستوى الخارجي يكاد طمع البعض في استغلال لبنان وشعبه من أجل مصالحه الخاصة يقضي على البلد ويخنقه في لحظة لم يعد لبنان وشعبه يطيق هذا الحجم من الضغط والضغط المقابل.

وهنا يأتي السؤال. إلى متى ؟ أو بالأحرى متى يحين موعد الفرج؟

على المستوى الداخلي سيظل هذا البعض الطامح للسلطة يعرقل ويعيق عملية التشكيل طالما وجد سنداً وعوناً من الخارج، وسيستمر في موقفه دونما اكتراث لحجم الضغط والمأساة التي تواجه الناس ويعيشونها يومياً. هذا البعض فقد الإحساس الوطني، بل فقد الإحساس الإنساني لأنّه تجرّد من كل هذه المعاني والقيم. غير أنّ هذا البعض لن يتمكّن من إعاقة أي حلّ أو تسوية عندما يفقد الظهير الخارجي الذي يستخدمه ويختفي خلف أو يتلطّى به.

على المستوى الخارجي، وللأسف فإنّ الدول تعمل على تأمين مصالحها، وليس للقيم الإنسانية أي حضور في فعلها وإنْ تغنّت بها أو رفعتها شعاراً، ولذلك فإنّ تلك الأطراف الخارجية سمتعدة للاستمرار في لعبة استخدام لبنان ساحة حتى ينضب ويفرغ كل ما فيه، وحتى تستنزف هذه الساحة إلى آخر لحظة. هنا يتبدّى لنا أنّ موعد الفرج مرتبط بمدى حصول التسويات الإقليمية والدولية، ومن الواضح أنّ هذه التسويات، أقلّه في المدى المنظور، لم تنضج بعد، ولم يحن أوانها، وعليه فإنّ أوان الفرج في لبنان لا يبدو قريباً إلاً إذا استشعرت تلك القوى المؤثرة والفاعلة أنّ استمرارها في نهجها سيؤدّي إلى خسارة أكبر عندما يمكن أن تتنازل جزئياً بما يمكّن من تشكيل حكومة لا تكون على مقدار الطموحات ولا حتى التحدّيات.

إنّ أخطر شيء جرى في لبنان أدّى إلى انسداد الأفق أمام الحلول هو أنّ اللبنانيين ربطوا أنفسهم ورهنوها لمحاور ومصالح هنا وهناك، وعند منعطات المصالح والتحدّيات بدأوا يشعرون أنّهم يدفعون الأثمان الغالية دون التمكّن من العودة خطوة واحدة إلى الوراء.

د. وائل نجم