العدد 1419 / 1-7-2020
د. وائل نجم

عندما تمّ تشكيل الحكومة الحالية قالت عن نفسها إنّها حكومة مواجهة التحدّيات، وإنّها حكومة الكفاءات، والبعيدة عن المحاصصة والكيدية وتتمتّع بكل الاستقلالية, ولقد طلبت مهلة مئة يوم من أجل البدء بتسجيل الإنجازات، وفعلاً أعطاها المتظاهرون المحتجون، والقوى السياسية المعارضة وحتى الخارج المهتم بلبنان هذه المهلة, منتظراً العمل من أجل إصدار الحكم.

غير أنّ هذه الحكومة كشفت عن وجهها الحقيقي, فتبيّن أنّها حكومة محاصصة سياسية بين أطراف تقدّموا بوجوه في ظاهرها مستقلّة، لكنها في حقيقيتها وجوهرها مرتبطة بشكل من الأشكل بقوى السلطة. كما كشفت أنّها تعمل بكيدية مع الأطراف المعارضة ومع الشارع المنتفض، فضلاً عن أنّ بعض وجوهها لا يتمتّع بأي كفاءة, في حين يتمتع البعض الآخر بكفاءة مشهودة.

لقد خرج رئيس الحكومة بعد مضي مئة يوم على نيلها الثقة ليؤكد على أنّ حكومته أنجزت 97 بالمئة من الوعود التي قطعتها للناس. إلاّ أنّ نائبة رئيس الحكومة ووزيرة الدفاع سألت في جلسة مجلس الوزراء زملاءها ماذا أنجزنا للناس خلال تواجدنا في الحكومة خاصة في الموضوع المالي الاقتصادي الذي يؤرّق الناس؟؟ ونحن بدورنا من سنصدّق رئيس الحكومة الذي يحدّثنا عن الانجازات أم نائبته التي تسأل عنها؟؟ والحقيقة أنّ الأوضاع التي وصلنا إليها هي التي تشرح وتوضح لنا إذا كانت الحكومة قد أنجزت أم لا؟!

الوضع المالي الاقتصادي الذي بات فيه سعر الليرة اللبنانية في الحضيض يشرح لنا ما أنجزته الحكومة والعهد القوي حيث بلغ سعر الليرة أمام الدولار لغاية كتابة هذا المقال قرابة 8500 ليرة للدولار الواحد. وهنا تبدأ تراجيديا طويلة ومعاناة لا تنتهي للمواطنين جراء ما يتصل بهذا السعر وانعكاسه على مجمل الأسعار الأخرى.

أمّا تراجع تزويد المنازل بالتيار الكهربائي فتلك قصة أخرى تنبئك عن إنجازات الحكومة، ويضاف إليها تراجع قدرة مولدات الكهرباء الخاصة على تزويد المنازل بالتيار بسبب فقدان مادة المازوت من الأسواق بسبب التهريب.

إلى هذه وتلك هناك قصة ربطة الخبز التي اتخذ وزير الاقتصاد أمس قراراً برفع سعرها إلى ألفي ليرة، في وقت لم يعد من قدرة للمواطن على شرائها بسبب ضعف القدرة الشرائية لليرة وجنون الأسعار الذي لا يضبطه شيء. ولا ينتهي الأمر عند المازوت والكهرباء والخبز وغيرها طالما أنّ الليرة تواصل هبوطها.

الناس وصلت إلى حالة اختناق جراء هذا الغلاء الفاحش، وهذه السياسات غير المجدية، ولم يعد لها طاقة أو قدرة على التحمّل، والحكومة تحدثنا عن إنجازات، وتلقي باللائمة على الحكومات والعهود السابقة، وتحمّل المواطنين المسؤولية إذ عليهم أن يكتفوا بالقليل دون إعلان غضبهم.

كلاً أيّها السادة، الناس لم يعد لديها قدرة على التحمّل. لم يعد لديها قدرة على البقاء والصمت، وأنتم لا تملكون مفتاح الحلّ حتى الآن. أنتم تبيعون الناس الأوهام، وتغرقون أكثر وأكثر في محاصصاتكم ومشاريعكم الخاصة، وبالتالي فقدتم ثقة الناس بكم، لذا عليكم الرحيل، نعم الرحيل. ماذا تنتظرون؟ مزيداً من الانهيار والتراجع والغرق؟ أم حرباً أهلية لا تبقي ولا تذر؟ آن لكم أن تدركوا ذلك، وأن تريحوا اللبنانيين منكم ومن سياساتكم المشؤومة، فمن حق هذا الشعب أن يعيش بكرامة وأن تتوفّر له كل المقومات التي تعيده إلى المكانة التي كان يعيشها، فماذا تنتظرون؟؟