العدد 1343 / 2-1-2019
الدكتور وائل نجم

الخلاف على تشكيل الحكومة وحجم الحصص فيها لكل طرف أطاح العلاقات، أو على الأقل، أوجد ثلماً ، بين أغلب القوى السياسية، حتى المتحالفة فيما بينها. فلكل واحدة منها اعتباراته الخاصة، وحساباته الشخصية والفئوية، ولذلك اختلفت المصالح ، ما أدّى إلى الخلاف فيما بينها.

أبرز تلك القوى السياسية التي تأثرت بالخلاف على الحصص الحكومية ونوعيتها، ومن القوى المتحالفة، هو الخلاف الذي ظهر بارزاً وواضحاً بين التيار الوطني الحر وحزب الله، بعدما كان الحزبان في حلف قوي ومتين اعتباراً من العام 2006 تاريخ توقيع وثيقة التفاهم في كنيسة مار مخايل. وقف التيار إلى جانب الحزب في ملفات معقّدة وصعبة دون أي حساب لأي اعتبار، كما في عدوان تموز 2006، أو في دخول حزب الله بالسلاح إلى بيروت في العام 2008. فيما وقف الحزب أيضاً إلى جانب التيار في معركة رئاسة الجمهورية حتى تمّ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.

اليوم الخلاف بين الفريقين يقع بسبب حسبة مصلحة كل منهما في الحكومة. التيار الوطني الحر ومعه رئيس الجمهورية يريدان الحصول على ثلث مقاعد مجلس الوزراء إضافة إلى مقعد إضافي يخوّلهما التصرّف والتحكم بالمجلس وفقاً لما يريدانه ووفقاً لمصالحهما. بينما يرفض حزب الله ضمناً دون التصريح علناً حصول التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية على ثلث مقاعد مجلس الوزراء ، إضافة إلى مقعد إضافي . ولإفشال ذلك وقطع الطريق عليه تمسّك الحزب بمطلب توزير أحد حلفائه لتمثيل النواب السنّة الستة ( اللقاء التشاوري)، وبذلك يقطع الطريق على حصول الرئيس وحزبه على الثلث زائداً واحداً في مجلس الوزراء. وهنا وقع الخلاف وظهر إلى العلن. أدرك التيار الوطني الحر هذه الحقيقة، وأدرك أن حزب الله يرفض أن يترك مصير الحكومة لدى فريق واحد أيّاً كان هذا الفريق. فيما أدرك حزب الله نوايا التيار الوطني الحر، بل نوايا رئيسه بشكل أساسي فتوجّس منها، لا سيما بعد الصفقة التي عقدها رئيس التيار مع قوى سياسية منافسة للحزب، في مقدمها تيار المستقبل، خاصة أن هناك من نقل للحزب من مجالس خاصة أحاديث تعرّض فيها رئيس التيار الوطني الحر للحزب بشكل أساء فيه له، بل ذهب أبعد من ذلك من خلال التعهد بوضع حدّ لنفوذ حزب الله في الداخل.

وإذا كان الخلاف بين التيار الوطني الحر وحزب الله قد برز على خلفية الخلاف على المحاصصة الحكومية، فإن هناك ملفات أخرى أيضاً مصدر باتت خلاف.

البعض يرى أن كل خطوات باسيل تصب في النهاية في محاولة أخذ تعهّد من حزب الله بانتخابه رئيساً للجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وهناك من يقول إن باسيل صارح حزب الله بهذا الموضوع، إلا أن الحزب رفض الإلتزام بمثل هذا التعهد، خاصة وأنه يتوجّس من تصرفات باسيل، ولا يعلم على وجه الدقّة إلتزاماته الخارجية، ومن هنا يشكل ملف انتخابات الرئاسة الأولى، على الرغم من أن الوقت ما زال مبكراً عليه، نقطة خلاف أخرى بينهما، قد تأخذ حيّزاً أكبر في قادم الأيام والأسابيع. كما أن الحزب لا يريد أن يعطي للوزير باسيل فرصة التحكّم بالحكومة والتحوّل إلى رئيس جمهورية غير معلن فيما لو أصاب رئيس الجمهورية، أي مكروه مع تقدّمه بالسن.

مع حلول الذكرى السنوية لتفاهم مار مخايل بين التيار الوطني الحر وحزب الله في شباط، يبدو أن الأمور بين الفريقين ذاهبة إلى مزيد من التباعد بينهما، خاصة أن مفاعيل هذا التفاهم يبدو أنها قد استنفدت أغراضها بالنسبة لكل من الفريقين، ولذلك قد نجد ساحتنا في لبنان أمام تحالفات جديدة وواقع جديد في ضوء العقوبات والتحوّلات التي تشهدها المنطقة بشكل عام.

للدكتور وائل نجم