العدد 1368 / 3-7-2019
قاسم قصير

في الرابع من شهر تموز من كل عام تستعاد الذكرى السنوية لرحيل المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله ، وفي هذا العام تأتي الذكرى في ظل تزايد التحديات امام المشروع الاسلامي والوحدوي والمقاوم ,الذي طرحه السيد فضل الله خلال مسيرته الفكرية والدينية والحركية والمؤسساتية.

فأين اصبح هذا المشروع الاسلامي الوحدوي الذي طرحه فضل الله ؟ وما هي ابرز التحديات التي يواجهها هذا المشروع اليوم؟ وهل لايزال التيار الذي اسسه واطلقه فضل الله قادرا على مواجهة هذه التحديات بعد مرور تسع سنوات على رحيله؟

المشروع الاسلامي الوحدوي

بداية ماهي ابرز مميزات ومضامين المشروع الاسلامي الوحدوي الذي طرحه وتبناه المرجع السيد محمد حسين فضل الله طيلة اكثر من ستين عاما من مسيرته الحركية والدينية والفكرية والاجتماعية؟

يمكن تلخيص ابرز مميزات هذا المشروع بالنقاط التالية:

اولا , الرؤية الاسلامية والانسانية الشاملة : انطلق السيد فضل الله في مشروعه من رؤية اسلامية وانسانية شاملة ورفض البعد المذهبي والطائفي او القطري ، وكان يؤكد دوما على ضرورة ان تتبني الحركات الاسلامية او السياسية المشروع الاسلامي او المشروع الديني الانساني بعيدا عن المذهبية والطائفية وصولا لدولة الانسان، وقد دعا الى مراجعة كل التراث الاسلامي وازالة الشوائب منه وخصوصا التي تؤدي الى الخلافات المذهبية.

وحمل راية الحوار الاسلامي- الاسلامي , والاسلامي- المسيحي ، وتحاور مع السلفيين والعلمانيين واليساريين والقوميين.

ثانيا- مقاومة المشروع الصهيوني والاستكبار العالمي ودعم كل قوى المقاومة: كان فضل الله واضحا بتبنيه لكل مشاريع التحرر والمقاومة في العالم العربي والاسلامي وفي العالم ، وقدّم كل اشكال الدعم العملية والميدانية لقوى المقاومة ووقف في وجه الادارة الاميركية والاحتلال الاميركي للعراق ، وقد دفع ثمنا غاليا من جراء مقاومته لقوى الاحتلال , وتعرض لاكثر من عملية اغتيال وابرزهامحاولة الاغتيال في الثامن من اذار عام 1985 التي خططت لها المخابرات الاميركية وموّلتها دولة عربية ونفذتها جهات محلية.

ثالثا- دعم اي مشروع اسلامي حركي بغض النظر عن انتمائه القطري او المذهبي او الحزبي ، وكان على تواصل مع كل الحركات الاسلامية يقدّم لها النصح والدعم والارشاد.

رابعا- رفض الظلم والطغيان سواء على مستوى كل بلد او في اي بقعة في العالم , وكان يرفع صوته عاليا لرفض الظلم ولم يكن يبرر لأي نظام ممارسة الظلم ، كما كان يرفض الاستعانة بالخارج لمواجهة الظلم الداخلي ولذا رفع الصوت عاليا ضد الحرب الاميركية على العراق ، مع انه كان ضد النظام الصدامي الظالم.

هذه بعض ملامح المشروع الاسلامي والوحدوي والمقاوم الذي طرحه المرجع السيد محمد حسين فضل الله ، وان كانت لا تعبر عن كل تفاصيل المشروع الفكرية والثقافية والحركية.

تحديات المشروع وكيفية مواجهتها

المراقب للواقع العربي والاسلامي اليوم يلحظ حجم التحديات التي يواجهها المشروع الاسلامي والوحدوي والمقاوم في هذه المرحلة ولا سيما خلال السنوات الاخيرة، من انتشار المذهبية والطائفية والقطرية وتراجع روح المقاومة والحصار الذي تتعرض له الحركات الاسلامية والمقاومة, ووصف هذه الحركات بالارهاب ، وفشل بعض التجارب الاسلامية وغرق بعض هذه الحركات بالهموم القطرية والمحلية والابتعاد عن الرؤية الاسلامية الشاملة ، وغياب الحوار بين المكونات الاسلامية , وسيادة منطق القطيعة وعدم الاعتراف بالاخر وانتشار العنف.

ولقد حاول العلامة السيد علي فضل الله ( نجل السيد محمد حسين) ملء الفراغ الذي حصل من جراء رحيل والده ، واطلق العديد من المبادرات الحوارية وانتهج سياسة وحدوية، وتواصل مع جميع الجهات مؤكدا على رفض الظلم من اية جهة اتي وداعما لقوى المقاومة . ورغم ان هذه المبادرات حققت بعض الانجازات ، لكن يبدو ان الساحة الاسلامية لا تزال تواجه الكثير من التحديات وتحتاج لجهود متواصلة لمعالجة اثار الازمة التي عانت منها خلال السنوات الاخيرة.

وقد يكون طرح مشروع صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية وما تواجهه الحركات الاسلامية من ضغوط واشتداد المواجهة الاميركية – الايرانية ، فرصة جديدة امام الحركات الاسلامية والقومية واليسارية من اجل اعادة بلورة المشروع الاسلامي الوحدوي والمقاوم الذي يتواصل مع بقية مكونات الامة ، وهذا يتطلب العودة للاسس التي انطلق منها المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله ، والاستفادة مما تركه من اثار فكرية وسياسية وعملية.

ولعل احياء الذكرى السنوية لرحيله اليوم فرصة لاعادة البحث بهذا المشروع . واعادة بلورته من جديد بما يتلائم مع المتغيرات الحاصلة خلال السنوات الاخيرة.

قاسم قصير