وسام الحجار

هل حقاً هو إرهابي؟!
هل حقاً كان يتخفى بلباس الطيبة والعلم والتربية؟!
هل حقاً هو من اتباع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش»؟!
هل حقاً نحن سطحيون إلى هذا الحد ليخدعنا كل هذه الأيام بل الأشهر لا بل السنين؟
لا أدري كيف أستطيع أن أجيب عن كل هذه الأسئلة، وأنا الذي كنت متابعاً لجميع حلقاته الإذاعية ومحاضراته وبرامجه التلفزيونية.. وأنا الذي تتلمذت على فكره..
لا أدري كيف استطاع هذا الإرهابي الدولي الكبير أن يصنع مني إنساناً محباً لوطنه، يعمل على رفعة شأنه في المحافل العربية والدولية!
أصول وأجول، وتجول معي الخواطر والذكريات، ولا أجد بقربه إلا كل جميل وجذاب، وأعيد التركيز على كل حرف كان يتلفظ به في محاضراته ودروسه التوعوية، لا أجد إلا الصدق في المقال، والحرص على أن يعي كل منا ما يريد أن يقوله لنا، والتأكد أن تكون رسالته وصلت إلينا بكل شفافية ووضوح.
أعود إلى ملفاتي القديمة، لا أجده إلا داعيةَ حب ووفاء..
أغوص في أعماق دفاتري، أراه محباً للأجيال، حريصاً على أبنائنا كحرصه على أولاده.
أحاول أن أستذكر منه لحظة خداع أو مراء، لا أجد..
أتنفس نفساً عميقاً، وكأن الهواء انقطع عن رئتي والدم توقف عن الجريان في عروقي.. 
أعود لأبحث من جديد..
أعود إلى حلقاته الإذاعية التي كنا ننتظر سماعها أسبوعياً حول صناعة الأبناء.. لا أجد إلا بساطة الطرح وهدوء الأفكار وإنسانية المربي والوسطية المحببة والاعتدال الجميل.
مستحيل، لا بدّ من وجود قطبة مخفيّة في هذه القضية..
بالأمس قرأت في إحدى الصحف أنه مجرم خطير، لا بل إنه المطلوب رقم واحد دولياً.. ظننت لفترة وجيزة انهم يتكلمون عن أبي بكر البغدادي أو أبي محمد الجولاني..
ثم في اليوم الثاني قرأت في الصحيفة نفسها أن قضيته لبنانية مائة في المئة، فاطمأن قلبي إلى أنه ارهابي وطني وليس مجرماً دولياً.
عدت وبحثت عن انتماءاته الحزبية أو الحركية.. بحثت وبحثت.. فلم أجد، لكنني وجدت أن محبيه هم من جميع الأحزاب والتيارات والجماعات والتنظيمات.
عدت وبحثت من جديد، فوجدته ينتمي إلى مؤسسة الدولة، إلى دار الفتوى، الدار الوطنية الجامعة لجميع اللبنانيين، وجدته مفتياً سابقاً لفرع من فروعها ومنطقة عزيزة من لبنانها، مفتياً لمنطقة راشيا في البقاع الغربي من لبنان.
كيف ذلك؟ مفتٍ وإرهابي!
رجعت إلى سيرته الذاتية، وجدته فيها مفخرة من مفاخر الأمة، فهو حاصلٌ على دكتوراه بدرجة امتياز بالإدارة التربوية والقيم الاسلامية.. 
عدت إلى خبراته المهنية، فوجدتها تُشرّف كل إنسان، من مفتٍ سابق الى مدير للمدارس ومستشار تربوي وصانع للقادة.
تعمقت أكثر، لعلّي أجد ثغرة أتسلل من خلالها لكي أثبت عليه التهمة والجريمة، فوجدته أستاذاً لمادة حقوق الإنسان ونظم الحضارة وتنمية الموارد البشرية في كبريات الجامعات اللبنانية، كجامعة الجنان والجامعة اليسوعية والجامعة الانطونية.
يا سادة، يا كرام..
بعد طول عرض وعناء، أستطيع أن أجزم وأقول بكل فخر واعتزاز، إن صاحبنا تهمته الوحيدة حبه لأمته ودينه ووطنه..
أن دكتورنا أصبح في مصافِّ المؤثرين بشريحة كبيرة من المجتمع اللبناني.
أن مربّينا قال يوماً لأحدهم: «مع كرهي واحتقاري لكم»، لما غاصت أيديهم بدماء أهلنا وإخوتنا في سوريا، بعد معارك القتل والتنكيل والتهجير هناك.
فالأستاذ الأكاديمي يدفع ضريبة الوفاء والعزة والكرامة..
لقد قلت لنا يوماً يا دكتور بسام: «يخطئ كثير من الناس حين يظن أن الصفر له قيمة، فلا قيمة للصفر إلا بوجود رقم آخر، ولذلك لا يجب على المسلم أن يكون صفراً، بل يجب أن يكون رقماً صعباً فاعلاً منتجاً».
نعدك يا شيخنا وحبيبنا أن لا نكون أصفاراً بعد اليوم، فطلابك ومحبوك لن يرضوا الدنيّة في دينهم، ولن يرتضوا الظلم اللاحق بهم وبساحتهم.
نعدك بأنك ستخرج من سجنك حراً عزيزاً كما كنت وستظل..
نعدك أيها الشيخ الجليل، أيها المفتي والمربي الكبير، أيها الداعية الدكتور بسَّام محمَّد الطرَّاس.
مع محبتي وتقديري.