احتفلت تركيا بالذكرى 743 لوفاة كبير المتصوّفين في العالم الإسلامي، جلال الدين الرومي، المعروف بـ«مولانا»، وذلك من خلال تنظيم احتفالية «شبِ عروس»، وتعني ليلة العرس باللغة الفارسية، في مدينة قونيا وسط تركيا، ضمن برنامج إحياء المناسبة الذي استمر عشرة أيام واختتم مساء السبت.
ونظمت ولاية قونيا احتفالية تضمنت عرضاً للفرقة المولوية، نفذه دراويش متصوفون، يذكّرون بطبيعة الكون، ومراحل الاتصال بالذات الإلهية، وسط حضور رسمي تركي وعربي وإسلامي.
تخلّلت الاحتفالية كلمات أشادت بالرومي وما قدمه للبشرية والفلسفة والإسلام، وتناولت الأفكار التي خرج بها وبقيت راسخة حتى يومنا هذا، كما ركزت الكلمات على ما يمثله الرومي من قيم أخلاقية، ودعوته للتسامح، وفكره في العشق الإلهي.
وألقى نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش كلمة خلال مشاركته بمراسم الاحتفال في قونيا، إلى جانب عدد آخر من المسؤولين السياسيين في البلاد، فضلاً عن الحضور الجماهيري اللافت.
وأشاد قورتولموش بخصال مولانا ودعوته للوحدة والتوحيد، مضيفاً: «أود أن أعبر عن حاجتنا الماسة إلى تلك الدعوة في أيامنا هذه». وأشار إلى أن احتفالات هذا العام تنطلق تحت شعار «وقت الوحدة»، وأن هذه الرسالة «ذات مغزى».
تجدر الإشارة إلى أن تركيا تحيي ذكرى وفاة الرومي من 7 إلى 17 كانون الأول من كل عام، في ما يعرف بـ«شبِ عروس» بالفارسية أو ليلة العرس، التي كان ينتظرها الرومي.
ومولانا جلال الدين الرومي، من أهم المتصوفين في التاريخ الإسلامي، حيث أنشأ طريقة صوفية عرفت بالمولوية، ولقب بسلطان العارفين لما له من سعة في المعرفة والعلم، وأسس للمذهب المثنوي في الشعر، وكتب آلاف أبيات الشعر عن العشق والفلسفة.
ولد الرومي في مدينة بلخ بخراسان، في 30 أيلول 1207م، استقر في قونيا حتى وفاته في 17 كانون الأول 1273، بعد أن تنقل طالباً العلم في عدد من المدن أهمها دمشق. 
بيروت تحتفي بذكرى«مولانا»
واحتضنت بيروت يوم الجمعة طقوس الرقص الصوفي (الدراويش المولوية)، بمناسبة وفاة المتصوف التركي المعروف جلال الدين الرومي، الملقب بـ»مولانا». ونظم الاحتفال بمساعدة المركز الثقافي التركي «يونس أمره»، بمسرح الأونيسكو في بيروت.
وحضر عدد من الهيئات الدبلوماسية والسياسية المناسبة التي نُظمت لأول مرة، بنفس التوقيت بين بيروت وأنقرة، في الذكرى 743 لوفاة «مولانا». وشارك في الاحتفال عدد من الشخصيات اللبنانية والتركية، إلى جانب فنيين وموسيقيين.
وقال جنكيز آر أوغلو، رئيس مركز يونس إمره، إن «الشعبين اللبناني والتركي متقاربان في ثقافتهما، ولهما تاريخ مشترك طويل، وهو ما يجعل هذه المناسبة ضرورة ملحة». وأضاف: «لأول مرة نقيم هذه الحفلة في بيروت، ولا نعتبر الطريقة المولوية غريبة على لبنان، وإن كانت التكايا (مكان ينقطع فيه المتصوف للعبادة) قد اضمحلت، نهدف من خلال هذه المناسبة إلى أن ننشط الذاكرة اللبنانية بالطرق الصوفية».
واعتبر السفير التركي لدى لبنان، شاغاطاي إرجيس، أن إحياء هذا النوع من المناسبات، بمثابة رسالة إنسانية، متطرقاً في الوقت ذاته إلى الأوضاع الصعبة التي ترزح تحتها مدينة حلب السورية.
وأوضح إرجيس، أنه «في ظل الأوضاع الإنسانية العصيبة الي تمرّ بها حلب خلال الأيام الأخيرة، نجد أن ذكرى وفاة جلال الدين الرومي هي دعوة لنبذ العنف في دول المنطقة، ومراعاة القيم الإنسانية في كل الظروف».
وقال الكاتب المولوي الصوفي محمد فاتح شتلاق، الذي حضر من تركيا للمشاركة في المناسبة، إنه «لا سماحة في العالم كتلك الموجودة في الإسلام، ونحن نجد في حياة مولانا جلال الدين الرومي محبة ورحمة تعكس رسالة الإسلام الكبرى». وثمّن استغلال هذه المناسبة لتحقيق التقارب بين الناس ونشر الخير في كل أرجاء العالم العربي.
وقال الشيخ محمود الخطيب، إن «مثل هذه الحفلات تعزز الروحية الدعوية التي سعى إليها جلال الدين الرومي في حياته، وتسهم كذلك في نشر الحب والخير».