العدد 1414 / 20-5-2020

استحقت حرم رئيس مجلس الوزراء (نوار مولوي دياب) نيل الجائزة الاولى لصاحبة أول إطلالة إعلامية، فهي خلال ساعة واحدة وفي اول اطلالة لها على اللبنانيين اطلقت تصريحين كل واحد منهما أسوأ من الاخر.. في الموقف الاول اطلت حرم السيد حسان دياب بالصوت والصورة من وزارة الاعلام تدعو اللبنانيات للعمل خادمات في المنازل وتدعو اللبنانيين للعمل نواطير بنايات، استكملت السيدة دياب جولتها بعقد لقاء اذاعي أطلقت خلاله موقفا مؤيدا للزواج المدني.

ما قامت به السيدة دياب يشكل مادة تدرس في الجامعات تحت عنوان ما يجب تجنبه خلال الحديث لوسائل الإعلام. فالسيدة نوار خلال ساعة واحدة لم تترك صديقا لها الا زوجها وابنتها والمستشار الاعلامي المغفل الذي أشار عليها الادلاء بهذه المواقف في هذا التوقيت. ولو أتيح للسيدة دياب أن تستشير الرئيس سعد الحريري حول ما يجب عليها ان تقوله في اطلالتها الاعلامية الاولى لما وجد أفضل مما قالته لينصحها به في سبيل الاضرار بصورة زوجها والاساءة اليه.

بعيدا عن سوء التوقيت الذي اختارته دياب لتقدم مواقفها، وبعيدا عن موقفها المستهجن من الزواج المدني والذي جاء بلا معنى ومن دون مناسبة، فإنني سأتوقف عند كلامها الفج حول دعوتها اللبنانيات للعمل خادمات في المنازل واللبنانيين نواطير بنايات. هذا الكلام جاء صادما ومباغتا للبنانيين، الذين لم يعتادوا على مواقف فجة بهذا الشكل، خاصة من شخصية يتعرفون عليها لأول مرة.. لكن ما على اللبنانيين ان يدركوه هو أن ما قالته السيدة نوار مولوي بكل أسف صحيح، وهو ما عليهم أن يتأقلموا معه ويألفوه. لن تعود عقارب الساعة إلى الوراء، ونمط الحياة الذي كان يعيشه اللبنانيون لن يكون متاحا للغالبية الساحقة منهم بعد الآن. حقيقة مرة بإمكان اللبنانيين أن يرفضوها ، وبإمكانهم ان يستعيضوا عن التكيف معها بكيل السباب والشتائم للسياسيين الفاسدين الذين أفقروهم، لكن هذه الشتائم لن تغير من واقع الحال شيئا.

ما قالته حرم رئيس الوزراء كان متطرفا ومهينا لكثير من اللبنانيين فواجهوه بشتمها وشتم زوجها والتساؤل عن الصفة التي تتحدث بها، وهل ترضى ان تعمل خادمة في المنازل، لكن بعيدا من فجاجة ما قالته فإن المضمون صحيح. على اللبنانيين الاعتياد على العمل في مهن لم يكونوا في الماضي يقبلون بها، وعلى النظرة المجتمعية للمهن الدنيا ان تتغير. فالعمل ايا كان هذا العمل ليس عيبا، العيب هو البقاء بلا عمل في ظل ازمة اقتصادية واجتماعية تخنق رقاب اللبنانيين.

في الماضي كان معروفا ان اللبناني يرفض العمل بالكثير من المهن لكنه مستعد حين يسافر للخارج ان يقبل باي مهنة على اعتبلر أن لا أحد يعرفه هناك، سواء كان عاملا في محطة بنزين، او توصيل طلبيات او غيرها من المهن التي يتعالى عنها في لبنان، اليوم على اللبناني ان يدرك بأنه مضطر لكسر تعاليه وأن يقبل بأي فرصة متاحة بين أهله وناسه ومعارفه وأن لا يخجل بذلك.. كما على الفشخرة اللبنانية ان تجد نهاية لها، وما كان متاحا في الماضي قد لا يكون كذلك في المستقبل.. لن يكون متاحا للجميع ان يذهبوا الى المطاعم ولو مرة اسبوعيا، لن يكون متاحا وجود عاملة اجنبية الا للاثرياء، لن يكون متاحا شراء سيارة "موديل السنة" الا لأصحاب الرواتب العالية، ستعود المدرسة الرسمية والجامعة اللبنانية مقصدا لمعظم اللبنانيين وهو الوضع الطبيعي.

لا خلاف على ان السلطة الفاسدة التي تحكم البلد مساهم رئيسي فيما وصل إليه اللبنانيون من فقر وعوز، والانتقام من هؤلاء الفاسدين يكون بتغييرهم في الانتخابات النيابية القادمة، اما كيل الشتائم فلن يؤدي الا لفشة خلق تنفس غضب صاحبها.

أواب ابراهيم