أواب إبراهيم

حفاظاً على وحدة الصف ولعدم إثارة الضغائن والأحقاد بين المنتمين الى هذا السياسي أو ذاك، ولكي يشعر المواطن بأنه غير مغبون فإننا ندعو الساسة الأفاضل الى عدم إثارة شرخ بين أبناء الطائفة الواحدة واعتماد الحياد في المباريات والمسابقات التي تجري في المؤسسات الدينية وترك أمر النتائج بغض النظر عن أي انتماء سياسي أو غيره وإلا تفشت الشحناء والبغضاء بين المتبارين الّذين سيفقدون الثقة بهذه المؤسسات وبالقادة السياسيين المفروض فيهم أن يستوعبوا كل المتبارين ويحرصوا عليهم.
وماذا يجني هذا السياسي أو ذاك إذا ربح عدداً من المتبارين فخسر العشرات ممّن سينقمون عليه وعلى سياسته ويروّجون لأنانيته وانحرافه عن جادة الحق لصالح عدد من المتبارين قد يكون منهم فاشلون ولا يصلحون لهذا المركز الذي يتبارون لأجله.
أسوق هذا الكلام بمناسبة صدور نتائج مباريات تعيين مدرّسي الفتوى وهو ليس المأخذ الوحيد على بعض السياسيين الذين عملوا على إنجاح بعض أنصارهم دون وجه حق وهذا مثال صارخ على ما نقول ونحذّر منه.
لقد تقدّم الى مباراة اختيار 42 مدرّس فتوى حوالي 120 شخصاً وطال انتظار النتائج مما أكد على وجود مداخلات لتمرير الأنصار والمحازبين مما فاجأ الرأي العام الإسلامي ولا نتجنّى على أحد وهذا أمر معروف إذا نظرنا لأسماء بعض الذين نجحوا مما لا يستحقون هذا المنصب الهام ولنا في الشيخ م. أ. مثال صارخ على هذه السياسة الملتوية التي اعتمدتها لجنة الامتحانات التي لم تصدر النتائج بعد أيام، وإنما بعد شهر ونيّف مما أثار الشكوك حول مصير هذه المباراة. ويقول الشيخ م. أ. الذي خاض المباراة معتمداً على كفاءته وثقافته وحضوره الدائم في المساجد تدريساً وخطابة وهو الذي فور تخرّجه من الجامعة الاسلامية في المدينة المنوّرة عمل في الامارات خطيباً مميزاً طوال عشر سنوات لينتقل بعدها الى ملبورن في أستراليا مدرساً وخطيباً في جامع عمر بن الخطاب طوال سبع سنوات ليعود لطرابلس ليقوم فعلاً بمهمة مدرّس فتوى عندما تسلّم مصلّى فاطمة الزهراء في الزاهرية.
هذا الشيخ لم تظهر نتيجته في امتحان مدرّسي الفتوى بل نجح بعض تلامذته الّذين لا يجارونه علماً وإخلاصاً وتقوى وإنما لانتمائهم الى السياسيين.
إننا نفهم أن يتدخل السياسيون في امتحانات المجلس الشرعي الاعلى ودوائر الاوقاف، فهذه المؤسسات لا تعتمد المباراة وإنما عبر الهيئات الناخبة وتشكيل لائحة من بعض أنصار السياسيين وهذا لا يزال سارياً، وإن كان مدعاة لأن ينتقد الغاصبون السياسيين على انحيازهم لهذا المرشح أو ذاك وعلى أهل السياسة الّذين يسمحون لأنفسهم التدخل في المؤسسات الدينية أن يكفوا عن امتلاك الحق في التدخل بمباريات الفتوى والقضاة الشرعيين والمساعدين القضائيين والمحررين والكتاب.
إن مؤسساتنا الدينية أمانة في أعناقنا ولا يجب أن يتاجر بها أو يستغلّها أي سياسي أو زعيم، بل أن يحرصوا على تجنيبها التهم والاشاعات، ويحرصوا على حصانتها لتكون نموذجاً لوحدة الصفّ الاسلامي وإن المسؤولية تقع على عاتق السياسيين والمراجع الدينية العليا ولا خير فينا إن لم نقلها ولا خير فيهم إن لم يسمعوها.