العدد 1338 / 21-11-2018
أواب إبراهيم

كالدول المتقدمة التي تحترم نفسها، وبعد ساعات فقط من توقيفه، استنفر معالي وزير الخارجية قصر بسترس بالأشرفية، وأعطى توجيهاته للسفير اللبناني في طوكيو بضرورة متابعة قضية كارلوس غصن رجل الأعمال البرازيلي المولد والجنسية، الذي يحمل الجنسية الفرنسية أيضاً، بالإضافة للبنانية. باسيل طلب من السفير أيضاً اللقاء بالمتهم غصن في مقر توقيفه، والاطلاع على حاجاته والتأكد من سلامة الاجراءات المتخذة والحرص على توفير الدفاع القانوني له ليتسنى له عرض ما يمتلكه من وقائع وأدلة وفرص حقيقية للدفاع عن نفسه.

ملفتة للنظر والاستغراب هذه الحميّة والنخوة الطارئة من معالي الوزير، فهو تفوّق على وزيري خارجية البرازيل وفرنسا في متابعة قضية غصن المتهم بالتهرب الضريبي، علماً أن غصن لايعرف من لبنان سوى مدرسة الجمهور التي درس فيها بضع سنوات حين كان يافعاً، ليغادر بعدها إلى البرازيل ومن ثم الى فرنسا.

الملفت أيضاً في نخوة معالي الوزير أنه اهتم بمتهم من أصول لبنانية يقبع في السجون اليابانية، وحرص على مساندته والوقوف على خاطره، في الوقت الذي لم ينتبه إلى مئات الموقوفين اللبنانيين الذين يقبعون في السجون اللبنانية، الذين تعرضوا ومازالوا لصنوف التعذيب، وهم يستجدون محام يتابع قضيتهم، أو تحديد موعد المحكمة للتحقيق معهم، فكيف بسفير يلتقي بهم ويقف على خاطرهم.

سنفترض أن نخوة معالي الوزير انطلقت من صلاحياته كوزير للخارجية، وهو لذلك يولي اهتماماً خاصاً بقضايا اللبنانيين في الخارج، هنا يبرز السؤال، هل بذل معاليه أي جهد مع السلطات الفرنسية لمتابعة قضية المعتقل اللبناني جورج عبد الله ابن بلدة القبيات الشمالية الموقوف في سجون باريس منذ عام 1984؟! هل كلّف معاليه سفيره في فرنسا للقاء عبد الله والاطلاع على حاجاته والتأكد من سلامة الاجراءات المتخذة ضده، علماً أن عبد الله أنهى محكوميته بالسجن المؤبد عام 2007، لكن السلطات الفرنسية ترفض إطلاق سراحه بطلب أميركي. هل انتبه معالي الوزير إلى كل ذلك، أم أنه لاينتبه إلا لرجال الأعمال أصحاب المليارات؟!.

هل أصابت معالي الوزير الحمية والنخوة لمتابعة قضية المواطن اللبناني نزار زكا ابن بلدة القلمون الشمالية الذي اختفى في أيلول 2015 خلال مشاركته بمؤتمر في العاصمة الإيرانية طهران ، قبل أن تكشف السلطات الإيرانية بعد نحو عام من اختفائه أن زكا محتجز لديها بتهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة ؟ هل كلف معاليه سفيره في طهران بلقاء زكا والاطلاع على حاجاته والتأكد من سلامة الاجراءات المتخذة والحرص على توفير الدفاع القانوني له، أم أن إجراء مشابهاً سيزعج حلفاءه؟!.

هل يعلم معالي وزير الخارجية أن كارلوس غصن الذي يدافع عنه وطلب من سفيره اللقاء به وتأمين متطلباته وحاجياته قام بزيارة الكيان الإسرائيلي عام 2008 والتقى برئيس الكيان شيمون بيريز وبرئيس الوزراء إيهود أولمرت وعقد اتفاقيات تجارية معهم.. وهل يدرك معاليه أن هذا الفعل يعد جرماً في القانون اللبنانيّ ويستحق إنزال العقوبة بصاحبه؟.

خلال تقرير تلفزيوني سألت المذيعة مستشار وزير الخارجية هادي هاشم: هل صحيح أن كارلوس غصن أحد أبرز داعمي التيار الوطني الحر؟

زاغت عينا هاشم للحظات، ثم تتأتأ للحظات أخرى، قبل أن يستجمع أفكاره، وقال أن لامعلومات لديه، مؤكداً أن متابعة وزارة الخارجية نابعة فقط من أن كارلوس غصن من أصول اللبنانية (؟!).

أوّاب إبراهيم