أواب ابراهيم

aقال أبناء طرابلس بأصواتهم إنa عهد الانخداع بالوعود والشعارات ذهب إلى غير رجعة، وإنهم ينتظرون من يقف معهم وإلى جانبهم، يسعى لتخفيف معاناتهم، لا أن يغيب سنوات ثم يتوقع أن يصفقوا له عند عودته. حتى اللواء أشرف ريفي فهو متوهّم إذا ظن أن الأصوات التي نالتها اللائحة التي دعمها هي قاعدته الشعبية. فمن صوّتوا للائحة «قرار طرابلس» هم كذلك الناقمون على الطرف الآخر.  
إيجابية أخرى أود لفت النظر إليها، وفي هذه اللحظة أطلب من القارئ الكريم أن يأخذ نفساً عميقاً، ثم يعود إليّ. لقد أجمعت التحليلات على أن أحد أبرز الأسباب التي أدت إلى خسارة لائحة «لطرابلس»، هو جمع الخصوم في لائحة واحدة دون تهيئة القواعد الشعبية لذلك. وأبرز الخصوم الذين جمعتهم اللائحة كانت الجماعة الإسلامية وجمعية المشاريع (الأحباش). الانتخابات انتهت، وأسفرت عن خسارة مرشحي الجماعة وكذلك الأحباش، ومن الطبيعي أن يعود الجميع لقواعده سالمين يبحثون أسباب الخسارة. لكن ألا يمكن الاستفادة مما حصل؟ ألا يمكن اعتبار اللائحة التي جمعت مرشحي الجماعة والأحباش منطلقاً لشق مسار جديد في العلاقة بين الطرفين؟ قبيل الانتخابات، وصلت على هاتفي الجوال قرابة عشر رسائل من مرشح الأحباش يدعو فيها مناصريه ومحبّيه للتصويت للائحة التي يشارك فيها «كاملة»، ومن بينهم مرشح الجماعة الإسلامية. ألا يعدّ ذلك بداية إيجابية من طرف الأحباش بعد عقود من التكفير والتنفير يمكن الانطلاق منها؟
من المنتظر أن تلاقي أي خطوة بهذا الاتجاه الاستهجان والاعتراض من مناصري كلا الطرفين، فليس من السهل تجاوز الخصومة التي كان يديرها ويرقص على إيقاعها النظام السوري، لكن لوح الجليد الصلب الذي كان يفصل بين الجماعة والأحباش ساهمت في تشققه الصورة التي جمعت مرشحيهما في لائحة «لطرابلس» البلدية، وقد أثبتت العقود الثلاثة الماضية أنه لا الجماعة الإسلامية أرادت إلغاء الأحباش، ولا الأحباش استطاعوا إلغاء الجماعة، رغم محاولاتهم الكثيرة التي قاموا بها بإدارة وتوجيه ودعم من الأجهزة الأمنية السورية ووصايتها في لبنان. هذا لا ينفي حقيقة أن البناء الفكري والعقائدي للأحباش يقوم على تكفير علماء وشخصيات من بينهم رموز وقادة الجماعة الإسلامية، لكن الظروف اختلفت، والمخاطر اختلفت، والأولويات اختلفت، والنظام السوري الذي كان يدير اللعبة في لبنان، بات عاجزاً عن إدارة اللعبة على أرضه. 
الجميع صفق للتحالف المستجد (التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية) رغم أنهار الدماء التي سالت بينهما. الجميع يرحب بالثنائية الشيعية القائمة بين حزب الله وحركة أمل رغم أن مراحل سابقة شهدت صراعاً حاداً بينهما. في المقابل نجد من المستهجن أن يتقارب تياران فاعلان هما الجماعة الإسلامية وجمعية المشاريع؟!.
التزاماً بشعار «ترتيب البيت السني» الذي راق للبعض ترداده مؤخراً، يجب السعي لإعادة ترتيب العلاقة بين القوى الإسلامية. في المرحلة الأولى يكفي القيام بخطوات إيجابية تمهد لإنهاء الخصومة والعداء بين الطرفين، فليس من المتوقع أن يكون طريق بناء العلاقة مفروشاً بالورود، كما أن النتائج ربما لاتكون إيجابية، لكن على الأقل على المعنيين نيل شرف المحاولة, فكما كان النظام السوري مستفيداً من العداء بين الجماعة والأحباش، هناك آخرون سيبذلون جهدهم لعرقلة أي تقارب.