العدد 1565 /31-5-2023
أواب ابراهيم

سبعة أشهر مرت على انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وحتى اللحظة لم يتقدم مرشح واحد بترشيحه، ومن جرى التصويت له في الجلسات التي التأمت لغاية الانتخاب، جرى التصويت له باعتباره مرشح لعديد من القوى والكتل، ولما لم ينل العدد المطلوب من الأصوات سحب اسمه من التداول. وكما كان ترشحه هو ترشيح واقعي وليس دستورياً كذلك كان انسحابه من المشهد الانتخابي.

اللعبة الرئاسية ما تزال مقفلة حتّى الآن ما دام حزب الله لم يعطِ أيّ إشارة جدّيّة إلى قبوله التراجع عن دعم سليمان فرنجية الذي لا تقبل به القوى المسيحية الأخرى. وهو ما يجعل استعداد الحزب للمشاركة في جلسة لانتخاب رئيس مرتبطاً بتأكّده من أنّ الجلسة ستفضي إلى انتخاب مرشّحه.

وإذا كان سليمان فرنجية يقدّم نفسه الأقدر بين الزعماء الموارنة على تشكيل حلقة ربط داخلية بين الأطراف الإقليمية المتصالحة، فإنّ رئيس الوطني الحر جبران باسيل يلعب ضدّه ورقة قويّة لا يستطيع الزعيم الزغرتاوي تجاهلها، وهي ورقة التمثيل المسيحي، التي تجعل نائب البترون متقدّماً على فرنجية في إظهار استعداد مسيحي شعبي على مواكبة مناخ المصالحات في المنطقة. وهذا ما يُفقد فرنجية حصريّة التموضع المرن بين الأطراف الإقليمية.

ومن الواضح أن وظيفة الاتّفاق بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وقوى المعارضة على اسم مرشح ليست تأمين انتخابه، وإنما إيجاد أرضية للتفاوض مع حزب الله على اسم مرشح ثالث يرضيه. وهو تفاوض يشكل فيه رئيس التيار الوطني الحر حلقة الوصل الرئيسية مع الحزب، ويجعله تفاوضاً ضمنياً بين الحزب وباسيل.

واحد من مؤشّرات ارتفاع حدّة الاشتباك السياسي هي ردّة فعل الثنائي على الحديث المتداول على توافق القوى على جهاد أزعور. يريد الحزب أن يفرض فرنجية مرشّحاً توافقياً، وهذا الأمر لن يحصل كما أنّ فرض رئيس بمواجهة الحزب لن يحصل أيضاً ولن يكون في مواجهة حزب الله فقط، بل كتل أخرى في مقدمتها وليد جنبلاط الذين سيذهبون إلى الاقتراع بورقة بيضاء تمهّد للخيار الثالث المقبل حتماً على متن مسار عربي دولي.

في المقابل، يدرك قائد القوات اللبنانية سمير جعجع أن حظوظ مرشحه الرئاسي النائب ميشال معوض قد تلاشت. طرح جهاد أزعور بهذا المعنى يتيح لجعجع التخفف من خسارة سياسية ومعنوية.

فجعجعيستحضر في أزعور أنه واحد من فريق عمل رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، وفي ظنه أن الأخير كنموذج عن التصلب حيال حزب الله قد ينسحب على تلميذه، ويفضي بالتالي إلى افتراضه أن السيادي كشرط من شروطه الرئاسية لا يزال يتغذى من ماضٍ تبوأ فيه أزعور وزارة المالية في حكومة فؤاد السنيورة.

السياق الآخر هو أن جعجع ينساق مكرهاً، ومن جديد، إلى خيارات رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. وحين يكون أزعور خيار باسيل الرئاسي، فالظن أن شروط جعجع الرئاسية ستنتهي في أحسن الأحوال بتحسين شروط الخيبة.

في زحمة الرسائل وبعد اصطدام كلّ من سليمان فرنجية وجهاد أزعور بأكثر من مطبّ، جاءت زيارة السفير السعودي وليد بخاري لقائد الجيش العماد جوزف عون في اليرزة في توقيت دقيق. إذ أتت بالتزامن مع الكلام عن الخيار الرئاسيّ الثالث. الجدير بالقراءة أيضاً هو لقاء بخاري قبل أسبوعين مع السفير البابوي في لبنان، وهو ما قد تكشف عن نتائجه قادم الأيام، وما إذا كانت الرياض قد قررت أخيراً رفع الراية الخضراء لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، أم أنها ستواصل رفع البطاقة الحمراء أمام أي اسم يُطرح أمامها للوصول إلى قصر بعبدا.

أوّاب إبراهيم