العدد 1330 / 26-9-2018
أوّاب ابراهيم

أوّاب ابراهيم

حالة اللا مبالاة التي يمارسها فريق رئيس الجمهورية إزاء الاتهامات والانتقادات المتتالية التي تطاله لم تعد مجدية. فحجم الاحتقان الذي يعم اللبنانيين لم تعد تنفع معه مكابرة الفريق الذي يتصرف متجاهلاً معاناة اللبنانيين وأوجاعهم. ولعلّ أكثر من أساء إلى هذا الفريق وزاد من نفور اللبنانيين منه هو صهر فخامة الرئيس الذي يقود حملة المكابرة والاستعلاء، ولا يقدم شيئاً سوى تكذيب الاتهامات والسخرية منها دون بذل أي جهد للرد عليها أو تفنيدها.

فريق رئيس الجمهورية يروّج بأنه يتعرّض لحملة تشويه وافتراءات واتهامات باطلة لا أصل لها، وأن كل الاتهامات التي تساق ضدّه تستهدف الإساءة لرئيس الجمهورية ومحاولة لضرب ما يطلقون عليه اسم "العهد القوي", علماً أن كلمة العهد لم تعد واردة في قاموس السياسة اللبنانية منذ اتفاق الطائف، الذي قلص صلاحيات رئيس الجمهورية , وباتت السلطة التنفيذية ممثلة بمجلس الوزراء هي السلطة الفعلية.

الاتهام والافتراء والتشويه الذي يشكو منه فريق رئيس الجمهورية ربما يكون صحيحاً، وهو في جميع الأحوال متوقع ومنتظر. فالتجني والافتراء سلوك دأبت عليه القوى السياسية اللبنانية. ولعلّ فريق الرئيس كان في صدارة من برعوا في هذا الأداء حين كانوا خارج السلطة. فهم لم يتركوا اتهاماً إلا وكالوه للسلطة التي كانت قائمة قبلهم، ونشروا كتاباً أطلقوا عليه اسم "الإبراء المستحيل" تضمن ما قالوا إنه توثيق للسرقات والفساد والنهب الذي مارسته السلطة السابقة. المفارقة أن فريق الرئيس لم يقم بأي خطوة لمحاسبة من كان يصفهم بالفاسدين، والإبراء الذي كان مستحيلاً بات مطلوباً وضرورياً بالنسبة لهم للوصول إلى سدّة الرئاسة.

بالتأكيد ليست جميع الاتهامات التي توجه لفريق رئيس الجمهورية صحيحة، لكنها أيضاً ليست كلها غير صحيحة. فالكلام المسرّب عن وزير شؤون رئاسة الجمهورية حول السعي لتوظيف المسيحيين في إدارات الدولة والأجهزة الأمنية والعسكرية صحيح، وعرقلة فريق رئيس الجمهورية تعيين مراقبين جويّين وحراس أحراش (نجحوا في امتحانات مجلس الخدمة المدنية) بذريعة الخلل الطائفي كذلك صحيح , في مخالفة واضحة للقانون، واستخدام صهر رئيس الجمهورية لمنصبه ومقدرات الدولة للترويج لحزبه والقيام بحملة انتخابية في بلاد الانتشار على حساب الدولة اللبنانية كذلك صحيح. لذلك ليس لفريق الرئيس أن يدعي بأن كل الاتهامات الموجهة إليه هي افتراءات وتجنّي, وبالتالي يحق للبنانيين أن يصدقوا بأن فريق رئيس الجمهورية تسبب بإنزال قرابة 200 مسافر من إحدى الطائرات في مطار بيروت إفساحاً للوفد الرئاسي بالسفر إلى نيويورك , خاصة أن أي توضيح أو تفسير لم يصدر عن رئاسة الجمهورية، اللهم سوى بضع كلمات تبرأت من المسؤولية ورمتها في حضن إدارة المطار،ليقع اللبنانيون في شرك خبريات مسيئة للرئيس اكتفى فريقه بالقول بانها ملفقة.

الأمر نفسه يسري بالنسبة لوزارة الطاقة , التي يتمسك بها فريق رئيس الجمهورية منذ قرابة عشر سنوات ويرفض التخلي عنها لأي فريق آخر، حتى لحلفائه . ألا يدعو للريبة هذا الإصرار على الاحتفاظ بها في ظل اتهامات يسوقها آخرون من الخصوم والحلفاء حول صفقات مالية يستفيد منها فريق الرئيس؟ ألا يكون مشروعاً الشك بفريق الرئيس حين يخرج صهر الرئيس النائب شامل روكز ليتحدث عن صفقات في وزارة الطاقة وأن الوزارة رفضت عرضاً من شركة ألمانية يوفر على خزينة الدولة، ليؤكد بذلك على تسجيل صوتي انتشر قبل أيام لأحد وزراء حركة أمل؟!. ألا يحق للبنانيين الشك بفريق الرئيس بعدما وعدهم صهر الرئيس منذ أربع سنوات بتأمين التيار الكهربائي 24 ساعة الأمر الذي لم يحصل بل ازداد الوضع سوءاً؟!

هل نلوم اللبنانيين الذين ساءت أحوالهم وأوضاعهم وزاد فقرهم منذ وصول فخامة الرئيس إلى السلطة من خيبة أملهم حين يشكون بنزاهة فريق الرئيس؟.ٍ