العدد 1557 /5-4-2023
أواب ابراهيم

في عام ٢٠١٥ وبعدما تعثر انتخاب رئيس للجمهورية لقرابة عامين التقى رئيس تيار المستقبل سعد الحريري برئيس تيار المردة سليمان فرنجية في باريس، واعلن بعدها الحريري تأييد انتخاب فرنجية رئيسا للجمهورية رغم ان الاخير كان –ومازال- احد اركان قوى ٨ آذار وهو يجاهر بصداقته مع رئيس النظام السوري بشار الاسد، ولا يترك مناسبة الا ويذكّر فيها بالتزامه خيار المقاومة (حزب الله) وانضواؤه تحت لواء هذا المحور.

وكان اعلان الحريري وقتها تأييد فرنجية تظهيرا لرضى سعودي - أميركي بانتخاب فرنجية رئيسا للجمهورية، لكن المفارقة حينها كانت ان حزب الله وخلفه حلفاؤه لم يعجبهم اختيار الطرف الاخر للرئيس ولو كان من ضمن صفوفهم. فتمسكوا باختيار ميشال عون رئيسا وعطلوا جلسات انتخاب الرئيس حتى تم ما ارادوا ورضخ سعد الحريري وامّن النصاب القاوني والطائفي المطلوب لانتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية.

اليوم انقلبت الاية. حزب الله ووراءه حلفاؤه (باستثناء التيار الوطني الحر الذي من الواضح انه لم يعد حليفا له) اعلنوا تاييدهم انتخاب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية، وفرنجية مازال هو نفسه صديق بشار الاسد وحليف النظام السوري وحزب الله الذي سبق للسعودية والولايات المتحدة ان اعلنوا تاييد انتخابه رئيسا قبل ثمان سنوات.. لكنهما اليوم يعارضان وصول فرنجية الى قصر بعبدا ولم يعطوا الامر لجماعتهم في لبنان بتأييده، مما انعكس استمرارا لتعطيل انتخاب رئيس الجمهورية في ظل انهيار طال كافة مؤسسات الدولة وغياب. ويكشف الرفض السعودي الاميركي لانتخاب فرنجية انه غير مرتبط بهوية الشخص بل باللحظة السياسية والظروف المؤاتية.. فالشخص الذي قبلوا به قبل ثمانية اعوام يرفضونه اليوم والامر نفسه ينطبق على الطرف الاخر. فسليمان فرنجية الذي رشحه الحريري رفضه حزب الله ومن معه حينها في حين أنه يؤيده اليوم ويتمسك به.. رغم ان سليمان فرنجية لم يغير ايا من مواقفه وقناعاته.وهذا يؤكد ان القبول بفلان او علان او رفضه لا يرتبط بانتماء الشخص او مواقفه او قناعاته بل فقط بالمصلحة الخاصة بالجهة التي ستقبل او ترفض.

في هذه الأثناء تلقى فرنجية دعوة لزيارة باريس والتقى هناك شخصيات في قصر الاليزيه. وبمعزل عن طبيعة النتائج التي أفضت اليها لقاءات فرنجية في فرنسا، الّا انّ الواضح هو انّ الموقف السعودي لا يزال يشكّل عائقاً أمام تأمين النصاب الاقليمي - الدولي لتغطية وصوله إلى بعبدا، وهذا ما يدفع الداعمين لفرنجية إلى اعتماد استراتيجية الصبر، في انتظار حصول تعديل في المقاربة السعودية، بالترافق مع التحوّلات الإقليمية النوعية، من الاتفاق بين الرياض وطهران، والذي لم تتبلور مفاعيله بعد، إلى الانفتاح السعودي المتزايد على سوريا والذي قد يُتوَّج بدعوة الرئيس بشار الأسد إلى القمة العربية المزمع عقدها قريباً، علماً انّ المملكة تعمّدت اخيراً تفعيل الإشارات الإيجابية في اتجاه دمشق، سواء لجهة السلوك السياسي او الخطاب الإعلامي.

وهناك من يفترض أنّ التقارب السعودي - السوري معطوفاً على ذاك السعودي - الايراني، هو مسار لا بدّ من ان يفضي بعد استكماله، إلى انتخاب فرنجية كجزء من البازل الجديد في المنطقة، مع الأخذ في الحسبان الهواجس السعودية والضمانات المطلوبة لمعالجتها.

ويشير أصحاب هذا الرأي، إلى انّ منح تلك الضمانات سيصبح بالتأكيد أسهل، وسط البيئة الاستراتيجية الملائمة والآخذة في التشكّل في المنطقة، والتي لا بدّ من ان تنعكس على لبنان انفراج في الأزمة السياسية وبدء مرحلة لململة الانهيار المالي.

أواب إبراهيم