العدد 1561 /3-5-2023
أواب ابراهيم

لم تعط زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان إلى لبنان أي مؤشر بوجود مبادرة أو خطوة إيرانية جديدة تتصل بالاستحقاق الرئاسي، والإيحاء أنّ على جدول أعمال الزيارة خطوة ما في هذا الاتجاه. فقد بقيت مواقف الوزير الإيراني عمومية لم تتناول هذا الاستحقاق سوى من باب الدعوة إلى اللبنانيين للتفاهم على آلية تؤدي إلى تجاوزه في أسرع وقت ممكن. ولذلك توجّهت الأنظار إلى البحث عمّا جرى في اللقاء الذي جمعه بالأمين العام لحزب الله، علّه يهمس بأذن سيد حارة حريك بمبادرة أو اسم يحرك المياه الرئاسية الراكدة. لكن من دلالات زيارة عبد اللهيان إلى بيروت أن لبنان كان ولا يزال خارج تردّدات اتفاق بكين الذي جمع طهران بالرياض، وما تلاه من تفاهمات يمكن أن تقود إليها المصالحة بين البلدين. ربما يغطي الاتفاق أزمات اليمن والبحرين والعراق والمبادرة السعودية من طرف واحد باتجاه سوريا، لكن الملف اللبناني مازال خارج الاتفاق.

لم تكن زيارة عبد اللهيان الأولى بعد اتفاق بكين، فقد سبقه على رأس وفد كبير إلى بيروت بعد 12 يوماً من الإعلان عنه، رئيس مجلس العلاقات الخارجية وزير الخارجية الإيراني السابق كمال خرازي الذي حرص على طمأنة من يلزم بأن اتفاق بكين لن يؤثر على دور "حزب الله" وسلاحه، وكذلك المصالح اللبنانية في الغاز والنفط في عرض البحر. وشدد خرازي في حينها على أن "حزب الله" يتخذ قراراته بنفسه ولا يتلقى تعليمات من طهران.

لا حاجة إلى التذكير بأن زيارات المسؤولين الإيرانيين للبنان باتت إما المحطة الثانية بعد زيارة دمشق كما فعل خرازي، أو المحطة الأولى نحو العاصمة السورية كما فعل عبد اللهيان قبل أشهر في سياق جولة شملت العراق وتركيا ثم قبل يومين. وبين زيارتَي عبد اللهيان وقبل مجيء خرازي حطّ في بيروت شباط الماضي، نائب وزير الخارجية، رئيس الوفد الإيراني المفاوض في الملف النووي في فيينا، محمد باقري كني، لتدشين المبنى الجديد للسفارة الإيرانية في ضاحية بيروت. وزار كني، كما فعل خرازي، أيضاً "حديقة إيران" في بلدة مارون الراس الجنوبية الحدودية، التي باتت رمزاً للحضور الإيراني الذي يتجاوز النفوذ السياسي والعسكري إلى الوجود الثقافي والاجتماعي في الجنوب، والتي حج إليها عبد اللهيان في زيارته الأخيرة. يشير هذا الدمج في الزيارات بين دمشق وبيروت وبغداد إلى منهجية تعتمدها طهران في مواجهة من تصفهم بأعدائها عنوانها "وحدة الساحات".

إذاً خابت الآمال التي عقدها الكثير من اللبنانيين على زيارة عبد اللهيان لحلّ عقدة الملف الرئاسي. وخابت معها آمال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بأن يستفيد من مفاعيل اتفاق بكين لبنانياً، وأن يتم التوافق عليه رئيساً للجمهورية. وما زال فرنجية "يعافر" وحيداً وينزع الشوك الذي يعترض وصوله إلى قصر بعبدا بيده. وبعد خيبته من زيارة رأس الديبلوماسية الإيرانية، عاد رهانه على باريس وما يمكن أن تقدمه في الملف الرئاسي. وقد عرض مع الجانب الفرنسي أثناء زيارته الاخيرة لباريس التي أبلغت إلى أكثر من جهة معنية بالاستحقاق الرئاسي، ارتياحها إلى أجوبته عن مجموعة من الأسئلة التي وجّهتها إليه حول الاستحقاق الرئاسي وما هو مطروح في شأنه من التزامات وضمانات بوجهيها الداخلي والخارجي. وقد نقل الفرنسيون أجواء هذه المعطيات إلى الجانب السعودي الذي يستعد للقاء قمة مع الرئيس الفرنسي الذي سيزور الرياض قريباً، وعلى الأرجح قبل موعد القمة العربية، وسيتصدّر لبنان مواضيع البحث بين الرئيس الفرنسي والمسؤولين السعوديين لجهة مساعدة الأفرقاء السياسيين اللبنانيين على إنجاز الاستحقاق الرئاسي في أقرب وقت ممكن.

أوّاب إبراهيم