العدد 1366 / 19-6-2019
أواب إبراهيم

حدثان اثنان شهدهما العالم خلال الأيام القليلة الماضية لقيا تعاطفاً كبيراً من الأغلبية الساحقة من أحرار العالم، لكنهما في المقابل كشف جانباً قاتماً لبعض دعاة الحرية والانفتاح والحوار، لاسيما منهم السياسيون والإعلاميون والناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، وأكد وجود حقد دفين وكراهية لدى هؤلاء لكل ما هو مخالف لآرائهم وتوجّهاتهم.

الحدث الأول هو استشهاد المعارض السوري عبد الباسط الساروت في مواجهات مع قوات النظام في ريف إدلب. الساروت الذي لُقب ببلبل الثورة السورية، نشط في التظاهرات منذ انطلاق الثورة من مدينته حمص، واستخدم صوته الندي الجهوري في ترداد شعارات الحرية والكرامة، وبات رمزاً من رموز الثورة السورية، لدرجة دفعت النظام الذي عادة لايخرج منه القرش إلا بطلوع الروح , رصد مكافأة مالية لمن يساعد في اعتقال الساروت، وكاد النظام ينجح في اغتياله أكثر من مرة، وقتل أربعة من إخوة الساروت.

لم يكن الساروت منتم لأي حزب أو فصيل أو تنظيم، ولا كان ناشطاً عسكرياً بل كان يمارس دوره بحنجرته، لكن بطش النظام والمجازر التي ارتكبها وتحوّل الحراك الشعبي إلى مواجهة عسكرية، لم يترك مجالاً أمام الساروت وأمثاله إلا الانخراط في المواجهة، فانضم لفصيل سوري الهوى والهوية، بعيداً عن داعش أو النصرة أو الفصائل العسكرية الأخرى التي حاولت استقطابه، والتي تتبع لأحزاب وجماعات ودول،وواصل نضاله حتى استشهد.

إذا كان النضال والكفاح من أجل الحرية والكرامة يمكن أن يتمثل بشخص لكان عبد الباسط الساروت، لكن ذلك لم يرق لبعض دعاة الحرية المزيفين. فليس مقبولاً بالنسبة لهؤلاء أن يكون للثورة السورية رموز مشرقة، وأيقونات من النضال ، فإما أن تكون معهم وإما أن تكون إرهابياً متطرفاً داعشياً. لذلك، عملوا على تحطيم صورة الساروت وتشويه سيرته، فشتموه واتهموه وأساؤا إليه. المعيب ليس فقط ما فعلوه مع الساروت، إنهم واجهوا وحاولوا قمع أي شخص يبدي تضامناً أو تعاطفاً أو ترحّماً على الساروت. فلم تعد تهمة الداعشية والإرهاب مقتصرة على الساروت، بل توسعت لتطال كل من تعاطف معه أو ترحّم عليه.

أما الحدث الثاني الذي فضح زيف ادعاءات رافعي لواء الانفتاح وحرية الرأي ورفض القمع، فهو وفاة الرئيس المصري محمد مرسي خلال جلسة محاكمته في مصر. ربما لم يمر بالتاريخ الحديث مظلمة كالتي مرّت على الرئيس مرسي. رئيس جمهورية منتخب من الشعب، يتعرض وقومه لمجزرة دموية تطيح به من الرئاسة في انقلاب عسكري كامل الأركان، ويزجّ به في السجن بعد عام واحد فقط من تبوّئه الرئاسة، ليلقى ربه –بقتله أو وفاته- في إحدى جلسات المحاكمة.

حاملوا لواء الحرية اتفقوا على معاداة مرسي والإخوان المسلمين لكنهم اختلفوا على الدوافع. فهناك مجموعة ترفض كل ما هو إسلامي أياً كان، تتبنى كل الاتهامات التي تسوقها منظومة الاعلام السعودي الاماراتي ضد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين. رغم ظهورهم بمظهر الوعي والفهم، إلا أنهم في الواقع مجموعة ببغاوات يرددون كلاماً سمعوه وينسجم مع عدائهم لكل ما هو إسلامي. أما المجموعة الأخرى، فهي التي تدور في فلك إيران وحزب الله، وهي التي لم تجد في كل الإنجازات التي قام بها الرئيس محمد مرسي سوى مساندته للثورة السورية، ومطالبته بانسحاب حزب الله من سوريا، وترحّمه في العاصمة الإيرانية طهران على صحابة رسول الله. هذه الأمور كانت كفيلة بمعاداة مرسي وكيل الاتهامات له ولجماعته.رغم ظهورهم بمظهر الوعي والفهم، إلا أنهم يتحولون إلى ببغاوات يرددون اتهامات دون أي دي الاماراتي ضد مرسي وجماعة الإخوا

يدّعون حرية الرأي والانفتاح وتقبل الآخر، لكنهم في الواقع مجموعة من الكذبة والمنافقين، لايتقبلون إلا أمثالهم، فيجب أن تفكر كما يفكرون، وأن تهتم بما يهتمون، وأن تهمل ما يهملون، وأن تضحك على نكاتهم السخيفة، وأن تناقش أفكارهم البلهاء. جعلت منهم وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي شخصيات محترمة، وهم في الواقع لا شخصيات ولا محترمة.

أوّاب إبراهيم