العدد 1329 / 20-9-2018

مهما كان مستوى حسن الظن كبيراً لدى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، فإنه لايمكنه قراءة قرار حزب الله الذي يمسك ببلدية الغبيري تسمية شارع يبعد عشرات الأمتار عن مستشفى رفيق الحريري الحكومي باسم المتهم الرئيسي باغتياله القيادي في حزب الله مصطفى بدر الدين، إلا على أنه استفزاز وتحدّ لمشاعر الحريري الابن ومعه مشاعر كل من حزنوا على اغتيال رفيق الحريري وسعوا لمعاقبة من قام بهذه الجريمة.

قبل سنوات سربت وسائل إعلام غربية اتهام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لعناصر من حزب الله بالمسؤولية عن اغتيال رفيق الحريري ورفاقه, يومها خرج أمين عام الحزب السيد حسن نصر الله إلى العالم محاولاً تفنيد اتهامات المحكمة، وخلص إلى أن المحكمة الدولية مسيّسة هدفها محاصرة حزبه، وبالتالي فإن الحزب ليس معنياً بكل ما يصدر عنها. منذ ذلك الحين وحزب الله يتجنب الحديث عن المحكمة، أوالتعليق على ما يصدر عنها.

هذا الموقف بتجاهل المحكمة قابله الرئيس سعد الحريري بإيجابية توّجها قبل أيام بإعلانه من على مدخل المحكمة الدولية في لاهاي بأن قرارات المحكمة لن تؤثر على الوضع الداخلي في لبنان، وأن قدر اللبنانيين أن يعيشوا مع بعضهم البعض. لكن حزب الله قابل هذه الإيجابية من جانب الحريري بخطوة استفزازية غير مسبوقة , بتسمية شارع باسم قاتل والده حسب اتهام الادعاء في المحكمة الدولية.

من حيث القانون فإن ما قامت به بلدية الغبيري شرعي وقانوني ولا غبار عليه. فالبلدية قدمت قبل قرابة سنة لوزارة الداخلية طلباً بتسمية الشارع باسم مصطفى بدر الدين أي قبل بدء المرافعات الختامية للمحكمة. لم تعلق الوزارة التي يقودها الوزير نهاد المشنوق (يفترض أنه يد الحريري اليمنى) على الطلب لاسلباً ولا إيجاباً، الأمر الذي يطرح علامات استفهام وتعجب من أداء الوزير. حسب قانون البلديات فإن اعتراص الداخلية على طلبات البلديات بتسمية الشوارع يكون خلال شهر، لكن الوزير لم يعترض وبالتالي فان ما قامت به بلدية الغبيري أصبح نافذاً.

هذا من حيث القانون، ولكن من قال بأن كل الأمور تنال شرعيتها بالقانون. ففي بعض الأحيان تكون الأخلاق والشرع والعرف أهم من القانون، وهذا أمر يكرره الأمين العام لحزب الله في كل مناسبة، من أن سقف حزبه تحكمه الأخلاق والالتزام بالشرع.. فكيف يمكن تفسير خطوة حزب الله بتسمية شارع باسم قاتل الحريري، ولماذا حرص على أن يتزامن ذلك مع جلسات المحكمة الختامية التي أكدت على اتهام بدر الدين، وما الغاية من اختيار شارع يقع في منطقة حيوية يسلكها أبناء بيروت المسلمون السنّة وهم في طريقهم إلى مستشفى رفيق الحريري الحكومي ؟ أين الأخلاق وأين الإسلام وأين النخوة في هذا الفعل؟!.

نائب حزب الله نواف الموسوي سبق له أن علق في مكتبه بمجلس النواب صورة لمصطفى بدر الدين. لم يعترض أحد رغم ما تحمله الخطوة مننحدّ. لكن أن ترفع لافتة تحمل اسم قاتل رئيس حكومة سابق وزعامة كبيرة لأكبر طائفة في لبنان، في شارع يسلكه محبو الضحيّة كل يوم، فهذا لايمكن تفسيره إلا بأنه سعي للتوتير والحقن المذهبي الذي يقول حزب الله أنه حريص على تجنبه , خاصة أن خطوة حزب الله المستفزة ترافقت مع حملة على وسائل التواصل الاجتماعي من جمهور الحزب، تضمنت المزيد من الاستفزاز والتحدي والكراهية، وهو أمر كان يدركه الحزب مسبقاً إذا لم يكن يديره.

إذا أراد حزب الله توجيه رسائل للمحكمة الدولية فهذا شأنه، لكن لاتكون تلك الرسائل من خلال استفزاز اللبنانيين والاستهانة بمشاعرهم.

أواّب إبراهيم