العدد 1375 / 28-8-2019
أواب إبراهيم

خلال ساعات قليلة نفّذ العدو الإسرائيلي اعتداءيْن على حزب الله، الأول استهدف عنصريْن من عناصره في سوريا، والآخر تسلل مسيّرتين لأحد أحياء الضاحية الجنوبية ، سقطت إحداها وانفجرت الأخرى. قبلها بأيام تم استهداف معسكر للحشد الشعبي وحزب الله في العراق، وقيل إن "إسرائيل" هي التي قامت بذلك. هذه الاعتداءات استدعت تهديداً بالرد من حزب الله، يترقب اللبنانيون والعالم شكله وحجمه ونتائجه.

لكن لم يعد بإمكان حزب الله إلزام بقية اللبنانيين وشرفاء العالم بالتضامن معه في كل معركة يخوضها، فمعاركه لم تعد كلها مفهومة، ولم تعد تهدف تحقيق مصلحة لبنان واللبنانيين، ولا مصلحة العرب والمسلمين. كما لم تعد اتهامات التخوين والعمالة التي يلصقها جمهور الحزب بكل من لا يهتف "لبّيك يا نصرالله" مجدية ولا منطقية .

فالمواجهة لم تعد خافية على أحد، والصورة باتت واضحة ولم تعد تستحق من أمين عام حزب الله بذل جهد للتورية. لم يعد هناك داع للحرص على المواجهة من مزارع شبعا المتنازع على ملكيتها ومراعاة القرار 1701، فالسيد حسن نصر الله قالها بوضوح، الرد سيكون من لبنان، رغم أن المعركة لا تتعلق دائماﹰ بلبنان ولا باللبنانيين، وأقصى ما يمكن أن تقوم به الدولة اللبنانية (بسلطتها السياسية والعسكرية وسيادتها) هو المشاهدة على مقاعد المتفرجين، لأنها تدرك أن لبنان بات تفصيلاً صغيراً في هذه المعركة.

كما في كل مرة، استنفر جمهور حزب الله لدعم ومساندة وتأييد الحزب في معركته المستجدة مع "إسرائيل"، فأطلقوا على وسائل التواصل الاجتماعي وردد المحللون عبارة "حربك حربنا سلمك سلمنا، سلماً حرباً بايعناك" في إشارة لأمين عام الحزب. لكن كيف لبقية اللبنانيين أن يتضامنوا معهم، فحرب حزب الله ليست حربهم، وسلم حزب الله ليس سلمهم، وهم لم يبايعوا أحداً لا في السلم ولا في الحرب، وليس لطرف أن يفرض عليهم ما لايريدونه.

كل لبناني وعربي وشريف على هذه الأرض يدين ويندد ويستنكر أي عدوان تشنه "إسرائيل" على لبنان أو سوريا أو العراق أو أي بقعة عربية وإسلامية. لكن في المقابل، كيف لهؤلاء أن يتعاطفوا دائماﹰ مع حزب الله الذي يقاتل السوريين على أرضهم، وكيف لهؤلاء أن يأسفوا على عناصر من الحزب استهدفتهم إسرائيل في سوريا.

تطلب الأمر مني بعض التفكير لحسم الوصف للعنصرين الذين قتلتهم "إسرائيل"، هل يمكن إطلاق وصف "شهيد" عليهما؟ فالقاتل هو العدو الإسرائيلي الذي لا نقاش في العداء له، لكن المقتول ماذا كان يفعل في سوريا، ما الهدف النبيل الذي كان يقوم به هناك، كيف يكون شهيداً وهو يقف إلى جانب نظام ظالم يقتل شعبه، ويقاتل فصائل سورية على أرضها، بينما هو جاء من وراء الحدود إلى جانب فصائل طائفية أخرى جاءت من العراق وأفغانستان وإيران بذريعة محاربة الإرهاب؟!.

كل اللبنانيين وشرفاء العالم يدينون ويستنكرون الغارات الإسرائيلية على مواقع عسكرية تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة في منطقة قوسايا اللبنانية. لكن في المقابل، هل يمكن لأحد أن يخبرنا لماذا توجد في لبنان مواقع عسكرية لفصيل فلسطيني تابع للنظام السوري ولا يفعل شيئاً إلا تنفيذ أجندة هذا النظام؟! ماهي وظيفة هذه المواقع وما الغاية من استمرار وجودها؟ من أين سيأتي التعاطف مع المعتدى عليهم وهم يرفضون تسليم مواقعهم وسلاحهم، ويشكلون ذراعاً مسلحة للنظام السوري على الأراضي اللبنانية، وتهديداً مستمراً لسلطة الدولة وهيبتها ومساساً بسيادتها التي يتغنّى بها البعض في العهد القوي.

يستطيع حزب الله أن يمجّد بقتلاه في سوريا والعراق واليمن كما يشاء، ويستطيع أن يخوّن من يريد، لكن عليه بعد حملة التخوين أن يراجع نفسه، هل من المعقول أن جميع الذين لا يهتفون له هم عملاء خونة، فقط لأنهم رفضوا أن تكون حربه التي يخوضها في بقاع الأرض حربهم، ويرفضون مبايعة سماحته؟!.

أوّاب إبراهيم