أواب إبراهيم

قبل أشهر من موعد الانتخابات النيابية صرّح فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون بأن الانطلاقة الحقيقية لعهده ستبدأ بعد الانتخابات، وأن الاستحقاق الانتخابي سيكون جرس الإنذار لبدء نهج مكافحة الفساد والمحسوبيات والاهتراء الذي أصاب مؤسسات الدولة وقيامة الدولة القوية. موقف رئيس الجمهورية انعكس في خطاب تياره طوال فترة الحملة الانتخابية، لا سيما على لسان صهره خلال جولاته في المناطق اللبنانية أو بلاد الانتشار على حساب اللبنانيين. فالدافع الأساسي الذي قدمه هذا التيار لتشجيع الناخبين على الإدلاء بأصواتهم، الإيحاء لهم أن الاستحقاق الانتخابي سيكون بداية لنهج جديد غير مسبوق في النزاهة والشفافية، والقضاء على الفساد والبلطجية. وبات يخلو الخطاب السياسي للتيار من أي ذكر للسيادة، بعدما انخرط في لعبة تشريع سلاح حزب الله. 
انتهت الانتخابات وأسفرت نتائجها عن نصر مؤزر حققه تيار فخامة الرئيس في صناديق الاقتراع على حد زعم صهر فخامته. وأن الكتلة النيابية التي كانت لفخامته وللتيار الوطني الحر تحوّلت إلى تكتل نيابي عابر للطوائف والمناطق، ليكون بذلك أكبر تكتل نيابي في مجلس النواب، كل ذلك حسب زعم جبران باسيل. بناء على ما سبق، وبما أن الانتخابات منحت فريق رئيس الجمهورية ما أراد، لم يعد أمام فخامته إلا البدء بالانطلاقة الجديدة لعهده التي وعدنا بها قبل الانتخابات. 
فمن بشائر الانطلاقة الموعودة وصول عدد لا بأس به من الشباب إلى الندوة البرلمانية، علّ هؤلاء الشباب يضخون دماً جديداً في المجلس النيابي وأفكاراً مبدعة وحلولاً مبتكرة للمشاكل والأزمات التي يعاني منها لبنان. مجموعة لامعة من الشباب الأغر الذين ينتظر منهم اللبنانيون نهجاً جديداً وفكراً ينبض حيوية. فها هو تيمور ابن وليد ابن كمال جنبلاط، وطوني ابن سليمان ابن طوني فرنجية، وسامي شقيق بيار ابن أمين ابن بيار، ونديم ابن بشير الجميّل، وسامي ابن أحمد فتفت، ووليد ابن وجيه البعريني، وطارق ابن طلال المرعبي، ولا تنسوا شيخ الشباب سعد الحريري ابن رفيق الحريري. كوكبة من خيرة شباب لبنان وكفاءاته ومبدعيه ومثقفيه، لم يصل واحد منهم إلى الندوة البرلمانية بكفاءته واختيار الناس له، بل ورثوا مقاعدهم عن آبائهم.
من بشائر انطلاق العهد، الحديث المتصاعد بين القوى والأحزاب عن السعي لفصل النيابة عن الوزارة، رغم أن الدستور لا يمنع ذلك. فالقوات اللبنانية أقرّت الأمر في نظامها الداخلي، وحزب الله التزم به في ترشيحاته للنيابة، ونُقل عن الرئيس سعد الحريري التزامه بالفصل بين النيابة والوزارة في تشكيل الحكومة الجديدة. الطرف الوحيد الذي بدأ «يمغمغ الأمر» ويتنصل من موقف سابق كان سباقاً إليه للفصل بين الوزارة والنيابة، هو فريق رئيس الجمهورية. فصهر فخامته لن يكتفي بمقعد ناله بعد سلسلة من الهزائم، بل يريد إلى جانبه وزارة سيادية يمكنه من خلالها أن يطلّ على اللبنانيين كل يوم بمناسبة وبدون مناسبة.
من بشائر الانطلاقة الجديدة للعهد أن فخامة الرئيس بات يملك كتلة نيابية عائلية مستقلة عن تياره. فصهرا فخامته دخلا المجلس النيابي إضافة إلى ابن أخته، وليس مستبعداً أن يطالب بمقعد نيابي للعائلة الكريمة فيقوم بتوزير ابنته التي تعمل حالياً مستشارة لفخامته في القصر الرئاسي.
من بشائر العهد الجديد أن أحد أعضاء كتلة التيار الوطني الحر عن منطقة زحلة متهم أمام القضاء بتهمتين: الأولى هي مسّ الأمن القومي بسبب شبهات بتورّطه بالتعامل التجاري مع إسرائيليين، والثانية إساءة الأمانة واختلاس أموال.
من بشائر الانطلاقة الجديدة للعهد القوي انتخاب نبيه بري رئيساً للمجلس النيابي للدورة السادسة على التوالي، رغم أن تيار فخامة الرئيس سبق واعتبر بري رمزاً للفساد والبلطجة، وأنه المعرقل لمسيرة الإصلاح. من البشائر كذلك انتخاب إيلي الفرزلي نائباً لرئيس المجلس، وهو الذي وصفه النائب وليد جنبلاط قبل أيام بأنه وديعة سورية.
كل ذلك لا يهم، ما دام تيار فخامته ما زال يعد اللبنانيين بالدولة القوية النزيهة.