العدد 1348 / 9-2-2019
أواب إبراهيم

في ذكرى وثيقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر، اعتبر رئيس التيار جبران باسيل في حفل أقيم للمناسبة أنه لولا "حزب الله" لما كان عون رئيساً للجمهورية. ليس من عادة باسيل أن يمدح أحداً دون أن يعطي حصة من مديحه لنفسه ولتياره، فهو أضاف أنه لولا التيار الوطني الحر لما صمد حزب الله بمواجهة "إسرائيل" والإرهاب.

لن أعلق على الجزء الثاني من كلام باسيل، فهو أقرب أن يكون طرفة مضحكة، لكن ما أود التركيز عليه هو الجزء الأول المتعلق بانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية. فهل فعلاً حزب الله هو الذي أوصل عون إلى قصر بعبدا؟

للوهلة الأولى , الإجابة على التساؤل تبدو سهلة ومنطقية وبديهية. فحزب الله هو الذي تمسك بعون مرشحاً للرئاسة رافضاً استبداله بأحد. ومن أجل ذلك عاش لبنان قرابة عامين في فراغ رئاسي وتصريف أعمال حكومي وتعطيل نيابي، وكان رئيس مجلس النواب يدعو لعقد جلسات متتالية للمجلس لانتخاب الرئيس، لكن لايتم عقد الجلسة بسبب غياب نصابها، نظراً لتخلف حزب الله وحلفائه عن حضورها، ومن بينهم كتلة رئيس مجلس النواب الذي دعا لعقد الجلسة(!!)، فالشرط الذي وضعه الحزب لتأمين النصاب هو انتخاب ميشال عون فقط لاغير.

بغض النظر عن مدى دستورية ما قام به حزب الله من تعطيل لمؤسسات الدولة، وما تسبب ذلك بتعثر عجلة المؤسسات وتعطيل مصالح البلاد والعباد، لكنه تشبث بموقفه ولم يتنازل عنه، رغم أن الرئيس سعد الحريري حاول التوصل لتسوية تقضي بانتخاب حليف الحزب (سليمان فرنجية) رئيساً للجمهورية، لكن الحزب رفض تسوية الحريري وأصر على عون مرشحاً وحيداً للرئاسة. وهذا مؤشر يؤكد ما قاله باسيل من أنه لولا حزب الله لما وصل عون إلى قصر بعبدا.

لكن الحقيقة التي يغفل عنها الجميع، هي أنه ما كان للعماد عون أن يصل إلى رئاسة الجمهورية لولا موافقة الرئيس سعد الحريري على ذلك , وأنه لو تمسك الحريري بموقفه الرافض لانتخاب عون كان الفراغ مازال مسيطراً على سدة الرئاسة، والتعطيل مسيطراً على مؤسسات الدولة.

من الطبيعي أن يساند حزب الله حليفاً له للوصول إلى رئاسة الجمهورية، ومن الطبيعي أيضاً أن يبذل ما يستطيع من عرقلة وتعطيل في سبيل تعبيد طريق قصر بعبدا أمام حليفه، لكن كل ذلك لم يقرّب العماد عون خطوة واحدة من القصر الرئاسي. الأمر الحاسم الذي نقل عون من رئاسة التيار الوطني الحر في الرابية ليكون فخامة الرئيس في قصر بعبدا هو أن الحريري وافق على ذلك، ولولا هذه الموافقة ربما لكان عون مازال يطل علينا كل يوم من الرابية بتصريحاته النارية وانتقاداته واتهاماته للحريري بالفساد والسرقة والنهب و..(!!).

أمر آخر يتبجح به التيار الوطني الحر ومعه حزب الله في أنهم أصحاب الفضل بإنجازه، وهو القانون الانتخابي النسبي الذي أجريت على أساسه الانتخابات النيابية. كما في انتخاب عون رئيساً، الأمر نفسه بالنسبة للقانون الانتخابي، فلولا موافقة الرئيس سعد الحريري لما أبصر القانون النور، وماكان للانتخابات النيابية أن تُجرى على أساسه، وماكان للرئيس عون ومعه حزب الله المفاخرة بأن القانون النسبي هو من إنجازاتهما. فكان يمكن للحريري أن يتمسك بموقفه الرافض للقانون النسبي ويصر على قانون أكثري يمنحه مقاعد إضافية في كتلته النيابية، ويتعطل عمل لجنة إعداد القانون الانتخابي، فلا تُجرى الانتخابات.

أنا لا أناقش صوابية أو خطأ ما قام به الرئيس الحريري بتأييد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ولا بموافقته على قانون انتخابي نسبي يقلّص نفوذه ويضعف حجم كتلته النيابية. لكن ما يجب على جميع اللبنانيين التسليم به وعلى رأسهم الفريق الذي بات في السلطة، هو أن الرئيس الحريري هو صاحب الفضل بوصولهم إلى ما وصلوا إليه، وأنه لولا موافقته على ذلك، لكانوا مازالوا يعيشون أحلامهم. سامح الله سعد الحريري

أوّاب إبراهيم