العدد 1461 /12-5-2021

يغرق لبنان واللبنانيون بين مطرقة الانسداد السياسي القائم في الملف الحكومي بعد النعي الرسمي للمبادرة الفرنسية الذي اعلنه وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان في ختام زيارته الاخيرة الى لبنان ، وسندان الأزمة الاقتصادية التي دخلت مسارا انحداريا خطيرا مع الحديث عن رفع الدعم عن المواد الاساسية مثل المحروقات بالاضافة الى باقي المواد المرتبطة بحياة اللبنانيين وصحتهم ومعيشتهم وهو ما انعكس بصورة مباشرة في ارتفاع كبير في اسعار اللحوم والدجاج ، وانقطاع في مادة البنزين بحجة عدم قيام مصرف لبنان بفتح الاعتمادات اللازمة لشراء البنزين والمحروقات ، ويبدو ان قضية رفع الدعم التي بدأت تضغط بقوة على اعصاب اللبنانيين وجيوبهم بدأت تسير على خطين الخط الرسمي الذي تتبناه الحكومة المستقيلة برئاسة حسان دياب حيث التخبط والفوضى والقرارات العشوائية هي الطاغية كما هو الحال فيما يتعلق برفع الدعم عن المحروقات والدواء تحت عنوان ترشيد الدعم وذلك عبر ما يسمى بالبطاقة التمويلية التي يبدو انها اصبحت ضائعة بين عدم القدرة على تأمين التغطية اللازمة لها من قبل الجهات المالية الدولية التي تطالب اولا بتشكيل الحكومة والقيام بالاصلاحات من اجل توفير الدعم والتمويل، وبين خط مافيات التجار الذين استغلوا الدعم المقدم من مصرف لبنان طوال الفترة الماضية من اجل تحقيق ارباح كبيرة على حساب المواطن اللبناني واموال المودعين في مصرف لبنان حتى وصل احتياط العملات الاجنبية في مصرف لبنان بسبب هؤلاء التجار الجشعيين الى الخط الاحمر وهو ما دعا حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى رفع بطاقة "ترشيد الدعم وتقنينه" من اجل المحافظة على ما تبقى من اموال اللبنانيين المودعة في المصارف .

والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل المسار الانحداري الذي يعيشه لبنان على كل المستويات ولاسيما على الصعيدين السياسي والاقتصادي هو : هل يسقط لبنان في الفوضى الشاملة اذا استمرت الامور على ماهي عليه حتى نهاية الشهر الجاري ؟

مع الحديث عن رفع الدعم من قبل مصرف لبنان عن المحروقات والدواء وغيره من باقي المواد الاساسية بسبب عجزه عن تأمين التمويل اللازم لتغطية هذه المواد سادت حالة من الذعر في اوساط اللبنانيين وراجت موجة كبيرة من الشائعات في مواقع التواصل الاجتماعي حول ما ستكون عليه اسعار المواد الغذائية في حال اتخذت الحكومة قرارا برفع الدعم او ترشيده ، فشهدت محطات البنزين ازدحاما شديدا من المواطنين وغلقت غلبية المحطات ابوابها بحجة عدم توفر مادة البنزين لديهم ، وفي نفس الوقت ارتفعت اسعار اللحوم والدجاج الى مستويات قياسية بحيث وصل سعر كيلو لحم البقر الى 120 الف ليرة لبنانية بعدما كان يباع بسعر 60 الف ليرة لبنانية قبل الحديث عن الرفع المرتقب للدعم عن المواد الاساسية وهذا ما احدث بلبلة بين الناس وجعل الشارع مهيئا لكل الاحتمالات وهذا ماتتخوف منه الاجهزة الأمنية التي اصبحت منهكة بكل ما في الكلمة من معنى بسبب ازدياد حالات السرقة والقتل في مختلف المناطق اللبنانية ، وكذلك تجارة المخدرات التي اصبحت رائجة داخليا وخارجيا وتسببت بتوقف حركة تجارة المواد الغذائية والزاراعية مع دول الخليج العربي بعدما كشفت السعودية عن الحجم الكبير لتهريب المخدرات من لبنان الىدول الخليج العربي وباقي دول العالم مما وضع لبنان في مصاف الدول الفاشلة ، وهذا الوضع المربك امنيا مرشح للتصاعد والانفجار كما تؤكد الجهات الامنية في حال اتخذ قرار رفع الدعم من قبل جكومة حسان دياب.

هذا على الصعيد الاقتصادي واما على الصعيد السياسي فالأمور تبدو مقفلة وعلى كل الصعد ، فبعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان والتي كان يؤمل ان تحث خرقا في ملف تشكيل الحكومة ، سادت اجواء من التشاؤم في الوسط السياسي حيث فشل الرجل في احداث اي اختراق على صعيد عملية تشكيل الحكومة وكانت نتائج زيارته الى لبنان بمثابة اعلان نعي للمبادرة الفرنسية التي كان يأمل اللبنانيون ان تشكل مفتاحا لحل ازماتهم السياسية والاقتصادية فأعلن في تصريحات للصحافيين غداة سلسلة لقاءات عقدها في بيروت، أبرزها مع رئيسي الجمهورية والبرلمان ورئيس الحكومة المكلّف، "من الملحّ بالفعل إيجاد سبيل للخروج من المأزق السياسي" الراهن.

واعتبر أنه "حتى اليوم، لم يرتق اللاعبون السياسيون إلى مستوى مسؤولياتهم ولم يبدأوا العمل جدياً لتعافي البلاد بسرعة"، محذراً من أنه "ما لم يتحركوا الآن بمسؤولية.. فعليهم أن يتحمّلوا عواقب هذا الفشل"، وأضاف في موقف لافت "أنا هنا تحديداً لمنع هذا النوع من الانتحار الجماعي الذي ينظمه البعض".

اذا فلبنان يتجه الى الانتحار الجماعي على يد الطبقة السياسية الحاكمة المشغولة بحساباتها السياسية والطائفية فيما لبنان واللبنانيون يغرقون كما سفينة التايتنك ولكن بدون موسيقى كما قال وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان قبل اشهر من زيارته الأخيرة الى لبنان. فهل نحن على موعد قريب مع الفوضى الشاملة؟

بسام غنوم