العدد 1375 / 28-8-2019
بسام غنوم

كأنه كتب على لبنان ان يعيش دائماﹰ في ظل الأزمات السياسية والأقتصادية والأمنية ، فبعد تسوية الخلاف حول حادثة قبرشمون الذي كاد يدخل البلد في نفق سياسي كبير ، برزت قضية تصنيف لبنان من قبل وكالات التصنيف الدولية وعاش اللبنانيون اياماﹰ وساعات على وقع ترقب صدور تقرير وكالة "ستاندر اند يورز" حول سنوات الدين اللبنانية , وهو ما ادى الى حدوث اضطراب في سوق القطع بالنسبة لسعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي وبعد صدور تقرير "ستاندر اند يورز" الذي ابقى تصنيف لبنان عند B- مع تأكيد المراجعة بعد ستة أشهر ، وقعت حادثة استهداف المكتب الاعلامي ﻟ "حزب الله" في الضاحية الجنوبية من قبل العدو الصهيوني عبر طائرتين مسيرتين وهو ما أعاد خلط الأمور على الساحة اللبنانية حيث برزت المخاوف من وقوع حرب اسرائيلية جديدة على لبنان في اطار الصراع الأميركي – الايراني في المنطقة والذي يستغله العدو الصهيوني من أجل تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية كبيرة في المنطقة سواء عبر الانفتاح على العلاقات الدبلوماسية مع بعض دول الخليج العربي او عبر استهداف بعض مواقع ميليشيات الحشد الشعبي في العراق وكذلك موقع "حزب الله" وحلفاء ايران في سوريا وصولاﹰ الى استهداف المكتب الاعلامي ﻟ "حزب الله" في الضاحية الجنوبية في تطور لافت ربما هو الأبرز منذ العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز 2006 والذي فرض قواعد اشتباك محددة بموجب قرار مجلس الأمن 1701 الذي ادى الى وقف لاطلاق النار بين لبنان والعدو الصهيوني .

والسؤال الذي يطرحه اللبنانيون هل سيشهد لبنان حرباﹰ اسرائيلية جديدة تشبه عدوان تموز 2006 ؟

في هذه الأيام العصيبة التي يعيشها لبنان تكثر التحليلات والآراء من هنا وهناك حول ما ستؤول اليه الأوضاع في لبنان في حال قام "حزب الله" بالرد على حادثة الطائرتين المسيرتين في الضاحية الجنوبية ، خصوصاﹰ ان السيد حسن نصرالله أكد ان الرد على الاعتداء الاسرائيلي سيكون من الأراضي اللبنانية وليس من منطقة مزارع شبعا وهذا يعني أن خيارات الرد مفتوحة على كل الاحتمالات سواء في البر او البحر وحتى الجو , حيث أكد السيد نصرالله انه بعد اليوم لن يسمح "حزب الله" باستباحة اجواء لبنان من قبل طائرات الاستطلاع الاسرائيلية ، وهو ما يفتح الباب امام احتمالات التصعيد على مختلف الجهات وفي كل المناطق اللبنانية لأن اسقاط طائرة اسرائيلية مسيرة او حربية في الضاحية سيستدعي رداﹰ اسرائيلياﹰ كبيراﹰ ، وفي هذا السياق علينا ان نتذكر الاعتداءات الاسرائيلية قبل أشهر قليلة بوجود مصانع ومستودعات للصواريخ قرب مطار رفيق الحريري الدولي ، وتهديد "اسرائيل" باستهداف هذه المستودعات وهو ما استدعى تحرياﹰ دبلوماسياﹰ مكثفاﹰ من لبنان الرسمي لنفي هذه الادعاءات ، ومع ذلك اصرّت الادارة الأميركية على تبني الادعاءات الاسرائيلية وهو ما يؤشر الى خطورة الوضع الراهن الذي خلفه الاعتداء الاسرائيلي على المكتب الاعلامي ﻟ "حزب الله" في الضاحية الجنوبية .

هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى هناك وجهات نظر ترى ان الامور مضبوطة بين ايران والولايات المتحدة الأميركية في منطقة الخليج العربي حيث رغم "حرب الناقلات" النفطية في الأيام الماضية ظلت الأمور مستقرة وهادئة بشكل كبير في مضيق هرمز بين الحرس الثوري والقوات الأميركية في المنطقة , وانه سيتم تدميرها في حال نشوب حرب بين الطرفين ، ومع ذلك يؤكد الأميركيون والايرانيون على لسان الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الايراني حسن روحاني ان لا نية لقيام حرب في المنطقة لأن نتائجها ستكون مدمرة للجميع ، وان الخيار الأمثل هو الحوار وهو ما أكد عليه لقاء وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف مع الرئيس الفرنسي ماكرون وممثلي المانيا وفرنسا بموافقة الرئيس ترامب على هامش قمة الدول الصناعية السبع الذي عقد الأسبوع الماضي في فرنسا .

باختصار , يمكن القول ان الوضع في المنطقة عموماﹰ وفي لبنان خصوصاﹰ هو على حافة الهاوية ، وسياسة حافة الهاوية تمارسها في هذه الأيام أميركا وايران والعدو الصهيوني ، وكذلك "حزب الله" في لبنان ، وبالتالي رغم كل المخاطر فان من المستبعد وصول الأمور الى المواجهة مفتوحة بين لبنان والعدو الصهيوني ، ومع ذلك يجب الحذر لأن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتانياهو قد تكون له حسابات أخرى .

بسام غنوم