العدد 1380 / 2-10-2019
قاسم قصير

بدعوة من "مركز الرافدين للحوار" اقيم في العاصمة العراقية ما بين 26 و29 ايلول المنصرم " ملتقى الرافدين للامن والاقتصاد: العراق يتعافى" ، وقد شارك فيه مئات الشخصيات الدبلوماسية والسياسية والاعلامية والامنية والاكاديمية من داخل العراق وخارجه ، وتمثلت مختلف القوى السياسية والحزبية العراقية، اضافة لحضور ملفت من عدد من الدول الاجنبية ودول عربية واسلامية.

وقد اتاح هذا المؤتمر الاطلاع على الاوضاع العراقية عن قرب وحجم المشكلات التي يواجهها العراق اليوم رغم التقدم الكبير على الصعيد الامني وتراجع حجم الخلافات المذهبية والطائفية.

وتزامن انعقاد الملتقى فيما كان لبنان يواجه احتجاجات شعبية بسبب الاوضاع الاقتصادية والمالية، وكانت اصداء الاحتجاجات تتفاعل في اروقة الملتقى من خلال الحوارات مع المشاركين في الملتقى واسئلتهم واستفساراتهم عن الاوضاع في لبنان.

التحديات المشتركة بين العراق ولبنان

عانى العراق ولبنان في السنوات الاخيرة من تحديات عديدة مشتركة رغم اختلاف الظروف بين البلدين ، فالعراق واجه احتلال تنظيم داعش لقسم كبير من اراضيه في ظل الازمات الطائفية والمذهبية والامنية والاقتصادية وانتشار الفساد ، كما واجه صراعات اقليمية ودولية على اراضيه ، وخلافات داخلية حول مشروع قيام الدولة ولاسيما منذ الاحتلال الاميركي للعراق واسقاط صدام حسين.

وبالمقابل كان لبنان يعاني من صراعات طائفية ومذهبية ولا سيما منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، اضافة لانتشار التنظيمات الارهابية في مناطق حدودية وقيامها بتفجيرات في العديد من المناطق بسبب تداعيات الازمة السورية ، كما عانى ويعاني لبنان من مشاكل اقتصادية ومالية وانتشار الفساد والخلافات حول قيام الدولة واستكمال تطبيق اتفاق الطائف.

واليوم ورغم نجاح العراقيين في انقاذ بلدهم من تنظيم داعش وتراجع حدة الصراعات الطائفية والمذهبية، فان المخاوف لا تزال قائمة من عودة الارهاب من خلال الخلايا النائمة وبسبب استمرار سوء الاوضاع الاقتصادية والصراعات الاقليمية والدولية ، ومحاولة بعض الجهات السياسية والحزبية العودة لاستخدام النعرات المذهبية، وقد يكون خطر انتشار الفساد في العراق هو احد ابرز المشكلات التي يواجهها العراق اليوم باعتراف معظم المسؤولين والقيادات السياسية والحزبية والدينية.

ورغم تمتع العراق بثروات نفطية ومائية وزراعية هائلة فانه يعاني من تراجع التنمية وانتشار البطالة وهناك نقاش قوي حول مستقبل الحشد الشعبي ودوره وعلاقته بالدولة، وفي المقابل يعاني لبنان من ازمات مالية واقتصادية وانتشار البطالة والخلافات الداخلية حول قيام الدولة ودور حزب الله والمقاومة.

الصراعات الخارجية وافاق المستقبل

لكن الى اين تتجه الاوضاع في البلدين في ظل الصراعات الاقليمية والدولية؟ والخلافات المستمرة حول قيام الدولة ومشروعها؟

الصراعات الاقليمية والدولية في المنطقة تنعكس سلبا على البلدين ، ولا سيما الصراع الاميركي – الايراني والسعودي- الايراني واستمرار الازمة السورية، ويسعى المسؤولون العراقيون الى تحييد بلدهم عن صراعات المنطقة والعمل من اجل التوصل الى حلول للازمات القائمة ، وقد قامت عدة وفود عراقية بزيارة دول عربية وايران بهدف التوصل الى معالجة للازمة القائمة، كما كان للعراق دور فاعل في معالجة ازمة احتجاز ناقلتي النفط الايرانية والبريطانية، وقد جرى مؤخرا افتتاح معبر البوكمال بين العراق وسوريا ، وكل ذلك قد يخفف من التوترات الاقليمية.

وبموازة ذلك يمكن ان يمارس لبنان دورا اساسيا في اطلاق حوار عربي – ايراني وعربي – دولي لمعالجة ازمات المنطقة من خلال المشروع الذي يطرحه الرئيس العماد ميشال عون لاقامة اكاديمية حوار الاديان والحضارات ، وبدل ان يكون لبنان ساحة للصراعات والازمات يتحول الى منبر للحوار والتواصل.

لكن الازمة الاكبر التي يواجهها البلدان تتعلق بمشروع قيام الدول الحقيقية، اي دولة المواطنة بعيدا عن الانقسامات المذهبية والطائفية، اضافة للبحث الجدي في كيفية التوصل الى رؤية موحدة لاستيعاب القوى العسكرية الموجودة خارج الدولة ، وقد نجح العراق بالتوصل الى صيغة قانونية لاستيعاب الحشد الشعبي من ضمن مؤسسات الدولة، وان كانت لا تزال هناك نقاشات وسجالات حول دور الحشد ومستقبله وما يواجهه من تحديات ، وفي المقابل فان لبنان معني بالتوصل الى رؤية واضحة حول الاستراتيجية الدفاعية لاستيعاب دور المقاومة مستقبلا.

العراق ولبنان بلدان يمتلكان قدرات وامكانيات مميزة بشرية وموارد مهمة وهناك مصالح مشتركة بينهما ، ويمكن ان يشكلا ساحات تواصل وحوار لمعالجة الازمات الداخلية وازمات المنطقة بدل ان يتحولا الى ساحات للقتال والصراع بين القوى الاقليمية والدولية.

وقد شكل " ملتقى الرافدين للامن والاقتصاد : العراق يتعافى" اشارة مهمة لما يمكن القيام به من جهد حواري للبحث عن حلول , سواء لازمات العراق او لدوره في المنطقة، وعلى امل ان نشهد جهودا مشتركة بين البلدين في المستقبل للوصول الى حلول لكافة الازمات الداخلية والصراعات الاقليمية.

قتيلان و200 مصاب في احتجاجات العراق

أعلنت الحكومة العراقية مقتل شخص وإصابة 200 شخصا، خلال الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة بغداد وعدد من المحافظات، الثلاثاء، للمطالبة بتوفير الخدمات العامة وفرص العمل.

وأصدرت خلية الإعلام الحكومي بيانا مشتركا لوزارتي الداخلية والصحة عن المظاهرات، أعربت خلالها عن "أسفها لما رافقت هذه الاحتجاجات من أعمال عنف، صدرت من مجموعة من مثيري الشغب لإسقاط المحتوى الحقيقي لتلك المطالب وتجريدها من السلمية التي خرجت لأجلها"

ودعت الخلية "المواطنين كافة إلى التهدئة وضبط النفس، ونؤكد أستمرار الأجهزة الأمنية في تأدية مهماتها حرصا منها على أمن وسلامة المتظاهرين.

وكانت قوات الأمن العراقية تصدت لاحتجاجات بغداد بالرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع، حسبما أفاد مسؤولون طبيون.

وافادت وكالة "فرانس برس" في وقت لاحق عن ارتفاع عدد الضحايا ومقتل اثنين.

قاسم قصير