العدد 1414 / 20-5-2020

لا صوت يعلو فوق صوت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي من اجل انقاذ الاقتصاد اللبناني المنهار والذي يشهد انهيارات كبيرة في مختلف القطاعات الاقتصادية في وقت وصلت فيه نسبة البطالة الى ما فوق ال 35 بالمئة والى نحو 50 بالمئة بين الشباب ، فيما ارتفعت نسبة الفقر بين اللبنانيين الى اكثر من 55 في المئة وسط تقديرات دولية بأن تبلغ 80 بالمئة اذا استمرت الامور على ما هي عليه الآن من ارتفاع سعر صرف الدولار الى اكثر من اربعة آلاف ليرة لبنانية والذي يصاحبه ارتفاع كبير في اسعار مختلف انواع السلع والخدمات وسط عجز الحكومة برئاسة حسان دياب عن فعل اي شيء لوقف هذه الانهيارات المتتالية في اوضاع اللبنانيين سوى اللجوء الى عقد مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لمحاولة انقاذ ما يمكن انقاذه من الاقتصاد اللبناني المتهالك ، ومن اوضاع اللبنانيين الاجتماعية التي وصلت الى مرحلة من السوء لم تصلها في عز الازمات التي عاشها لبنان سواء في الحرب الاهلية عام 1975 او الاجتياح الاسرائيلي للبنان في العام 1982 وحتى في حرب تموز 2006.

لكن هل طريق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي مفروشة بالورود بحيث يمكن القول ان المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ستحمل الحلول الناجعة لازمات اللبنانيين الاقتصادية والاجتماعية ؟

بداية يجب القول ان بدأ لبنان مفاوضات مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على مساعدات لانقاذ اقتصاده المتهالك لا تعني ابدا ان الامور اصبحت سالكة لناحية نيل لبنان مساعدات مالية كبيرة سواء من الجهات الدولية الداعمة لمؤتمر سيدر او من صندوق النقد الدولي ، وهذه النقطة بالذات يجب ان تكون واضحة لكل اللبنانيين حتى لا يبنوا آمالا على مساعدات صندوق النقد الدولي هي اكبر من الواقع حتى لا يصابوا بخيبة امل كبيرة في حال كانت هذه المساعدات محدودة اولا ، او حتى معدومة في حال فشل لبنان في الامتثال الى شروط صندوق النقد الدولي السياسية والاقتصادية .

فصندوق النقد الدولي كما يعرف الجميع لا يقدم مساعدات للدول بالمجان وهو يفرض شروطه على الدول الطالبة للمساعدات اولا ، وقبل ذلك يجب ان تنال الحكومات الطالبة للمساعدة رضا الجهات المسيطرة على صندوق النقد الدولي وابرزها الولايات المتحدة الاميركية ، وبالتالي فان تأخر الحكومة اللبنانية في طلب المساعدات من صندوق النقد حتى وصلت الامور الى ما وصلت اليه على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي كان بسبب رفض "حزب الله" طلب المساعدة من صندوق اللنقد الدولي لانه تابع لجهة "استكبارية" كما قال الشيخ نعيم قاسم ، ورغم قبول "حزب الله" على مضض قرار الحكومة بالتوجه الى صندوق النقد الدولي لطلب المساعدات فانه اعلن على لسان النائب محمد رعد ان كل ما يطلبه صندوق النقد الدولي سيكون محل مراجعة في مجلس النواب ، وهو ما يؤكد ان هناك عقبات سياسية داخلية كبيرة ستواجه الحكومة في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي .

وبالعودة الى شروط صندوق النقد الدولي لمنح المساعدات الى لبنان فانه بحسب سفير لبنان في فرنسا رامي عدوان الذي كان على تواصل مباشر مع المسؤولين الفرنسيين المعنيين بالشأن اللبناني ، فان هذه الشروط هي اولا اصلاح النظام الضريبي والجمركي وتحصيل الضرائب والرسوم ، وثانيا وجود خطة واضحة لاصلاح قطاع الكهرباء ، وثالثا وجود شفافية في اجراء المناقصات ، وبالاضافة الى هذه الشروط الاقتصادية حث امين عام الامم المتحدة انطونيو غو تيريس لبنان على اتخاذ التدابير اللازمة لمنع "حزب الله" من الحصول على الاسلحة وبناء القدرات الشبه عسكرية خارج سلطة الدولة ، وكل هذه الامور تجري وفيما الكونغرس الاميركي يعمل على مشروع قانون لمنع المساعدات عن الدول التي تدعم "حزب الله" ، وسط حديث ان دولة خليجية كبرى مع دولة الكيان الصهيوني يريدان ترك لبنان ينهار ، وهو ما يؤكد ان مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي ليست مفروشة بالورد وستكون صعبة جدا سياسيا واقتصاديا .

باختصار ، لبنان بعد ان دخل مرحلة الانهيار الاقتصادي اصبح مثل الاعمى الذي لا يعرف طريقه ، فالقوى السياسية تائهة والحكومة تحبط خبط عشواء ، ولا احد يعرف الى اين ستصير الامور .

بسام غنوم