بسام غنوم

فيما تتكشف التحضيرات العسكرية والأمنية التي يقوم بها الجيش اللبناني من أجل المعركة المرتقبة مع تنظيم داعش في جرود القاع ورأس بعلبك، والتي أصبحت على ما يبدو قريبة جداً وفق ما تدل التحركات اللوجستية التي يقوم بها الجيش اللبناني في تلك المنطقة.
في هذه الأثناء تبدو الساحة السياسية مقبلة على متغيرات كبيرة مرتبطة بالتحضيرات القائمة لمعركة جرود القاع ورأس بعلبك، وذلك استناداً إلى المواقف السياسية التي تواكب هذه التحضيرات، ولعل أبرز المواقف في هذا الإطار ما أعلنه الرئيس نبيه بري من طهران، حيث كان يشارك في حفل تنصيب الرئيس حسن روحاني رئيساً للجمهورية الإسلامية الإيرانية. فقد دعا بري إلى التنسيق مع الجيش السوري في المعركة مع داعش لأن «الجرود التي يحتلها تنظيم داعش، مساحتها تبلغ نحو مئتي كيلو متر مربع، 60٪ منها أرض سورية، ومن الطبيعي ان يشارك الجيش العربي السوري في المعركة على الأراضي السورية، وهذا يحتاج للتنسيق بطريقة أو بأخرى مع الجيش اللبناني لتفادي أي أخطاء».
ويأتي هذا الموقف للرئيس بري بعد السجال السياسي الذي نشأ بعد معركة جرود عرسال التي قام بها «حزب الله» دون تنسيق مع الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني، وهو ما ترك تساؤلات عن أسباب غياب الحكومة والدولة أو عن تغييب «حزب الله» لها.
فهل تكون معركة جرود القاع ورأس بعلبك من أجل تصحيح الخلل الذي أحدثه «حزب الله» في معركة جرود عرسال، أم ان المعركة في جرود القاع هي من أجل فرض واقع سياسي جديد؟
تشير أجواء التحضيرات العسكرية التي يقوم بها الجيش اللبناني في محيط جرود القاع ورأس بعلبك الى ان الجيش اللبناني قد أكمل استعداداته العسكرية واللوجستية من أجل المعركة المرتقبة مع تنظيم داعش، وأن الجيش سيخوض هذه المعركة منفرداً على عكس ما جرى في معركة جرود عرسال، حيث كانت الكلمة لـ«حزب الله»، وجرى تغييب الجيش اللبناني عن معركة جرت في أراضٍ لبنانية، واكتفى عناصر «حزب الله» بتوجيه تحية الى الجيش اللبناني.
لكن الأخبار التي ترافق استعدادات الجيش لمعركة جرود القاع ورأس بعلبك تتحدث عن تنسيق بين «حزب الله» والجيش السوري مع الجيش اللبناني، وهو ما ترك تساؤلات عن صحة هذه الأخبار، الأمر الذي دفع وزير الدفاع يعقوب الصراف الى نفي وجود أي تنسيق مع الجيش السوري، ودعت قيادة الجيش في بيان «وسائل الإعلام والأشخاص المعنيين، إلى توخي الدقة في الإدلاء بالمعلومات والتحليلات المذكورة، والعودة إليها للحصول على الوقائع والمعطيات الصحيحة»، وهو ما يشير الى حساسية الموضوع أولاً من الناحية السياسية، حيث تريد الحكومة من المعركة في جرود القاع ورأس بعلبك مناسبة لتصحيح الخلل في صورة الدولة نتيجة تفرد «حزب الله» بمعركة جرود عرسال، وثانياً من الناحية العسكرية لأن غياب الجيش اللبناني عن المعركة مع جبهة النصرة في جرود عرسال أساء سياسياً وإعلامياً إلى سمعة الجيش وصورته حيث تساءلت أكثر من جهة دبلوماسية عن أسباب عدم مشاركة الجيش في معركة جرود عرسال، وتحدث البعض عن سعي «حزب الله» إلى شرعنة سلاحه عبر فرض معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» بعد معركة عرسال.
لذلك تبدو قيادة الجيش اللبناني حساسة تجاه المعلومات التي يجري تداولها حول المعركة المرتقبة في رأس بعلبك وجرود القاع، لأنها تريد اثبات ان الجيش اللبناني قادر على تحرير الأراضي اللبنانية وحمايتها دون الحاجة إلى مساعدة من أحد.
لكن هذه الأجواء السياسية والعسكرية التي تعمل عليها الحكومة والجيش اللبناني تتعارض مع بعض المواقف التي تطالب بالتنسيق مع الجيش السوري و«حزب الله» في المعركة مع تنظيم داعش.
فالرئيس نبيه بري دعا الى التنسيق مع الجيش السوري لأن «الجرود التي يحتلها تنظيم داعش، مساحتها تبلغ نحو مئتي كيلو متر مربع، ونحو 60٪ منها أراضٍ سورية، ومن الطبيعي ان يشارك الجيش العربي السوري في المعركة على الأراضي السورية، وهذا يحتاج للتنسيق بطريقة أو بأخرى مع الجيش اللبناني لتفادي أي أخطاء».
واللافت ان دعوة الرئيس بري للتنسيق مع الجيش السوري هو انها جاءت من طهران حيث كان يشارك في فعل تنصيب الرئيس حسن روحاني، وهو ما يدل على ان الدعوة للتنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري لها أهداف تتجاوز المعركة في جرود القاع ورأس بعلبك، وقد أكد ذلك قول الرئيس روحاني للرئيس بري: «اننا مسرورون جداً للانتصارات التي يحققها لبنان لشعبه وجيشه ومقاومته، ولقد أصبح له مكانة كبيرة في المنطقة، ويحسب له ألف حساب».
ويؤكد كلام الرئيس الإيراني حسن روحاني ان هناك توجهاً لربط لبنان بما يسمى «محور المقاومة»، وان هناك مسعىً جدياً لجعل سلاح «حزب الله» في وضع شبيه بوضع الحشد الشعبي في العراق من الناحية القانونية، وهو إذا ما تحقق سيضع لبنان دولة وشعباً في أحضان المحور السوري - الإيراني.
باختصار، المعركة في جرود القاع ورأس بعلبك تتنازعها رغبات في تصحيح الخلل الذي حدث في جرود عرسال وجهود لجعلها فرصة من أجل عودة التنسيق بين لبنان الرسمي والنظام السوري. فهل تنجح هذه الجهود ويصبح لبنان جزءاً لا يتجزأ من المحور السوري - الإيراني؟}