العدد 1360 / 1-5-2019
بسام غنوم

لم تحجب عطلة عيد الفصح وفق التقويم الشرقي لدى الطوائف المسيحية , الاهتمام عن موضوع موازنة العام 2019 بل كانت في صلب المواقف التي اطلقها الرؤساء الروحيون لهذه الطوائف , فقال المطران الياس عودة في كلمته التي القاها بمناسبة قداس الفصح : "أما الآن , بعدما استفاقت الدولة وأدرك الجميع أن البل سينهار على رؤسهم , حملوا جميعهم لواء مكافحة الفساد وضبط الهدوء " , وأضاف "المفارقة أن بعض من يرفعون شعار الاصلاح ومحاربة الفساد قد شاركوا منذ عقود في اضعاف الدولة وتهميش القوانين بغية تخطيها , أو ساهموا في الفساد أو الافساد أو حماية الفاسدين" .

ويعبر موقف المطران عودة عن موقف عامة اللبنانيين الذين يعانون من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي يعيشونها في هذه الأيام فيما المسؤولون في الدولة لم يستطيعوا حتى الآن القيام بما يتوجب عليهم من أجل انقاذ لبنان من ازمته الاقتصادية , وهو ما قد يرتب على لبنان تداعيات خطيرة لان المجتمع الدولي يريد من لبنان موازنة شفافة تتضمن اصلاحات حقيقية وتخفيضاﹰ في عجز الموازنة وتحديثاﹰ في القوانين والتشريعات الضريبية , وقد اكد مسؤول لبناني ان المهلة المعطاة الى لبنان من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ليست مفتوحة , وهي محددة ضمن مهلة شهر على ابعد تقدير .

فهل يشكل مشروع موازنة العام 2019 المقترح من وزير المالية نافذة أمل للبنان واللبنانيين ؟

مع انطلاق مناقشات مشروع موازنة العام 2019 في الحكومة تبدأ المواقف بين اركانها متباعدة , وقد عبر الرئيس نبيه بري عن هذه الاجواء بالقول :"ان الجميع متفق على اجراء التخفيضات على الموازنة , ولكن الأمر يحتاج الى اتفاق على الأبواب التي يطالها التخفيض" , وفي هذا الاطار ذكر ان رئيس الجمهورية ميشال عون اعد ورقة فيها عدد من الملاحظات على مشروع الموازنة , وهو ما يؤكد ان مناقشات الموازنة في الحكومة لن تمر مرور الكرام كما مرت مناقشة خطة الكهرباء , لان كل فريق يريد ان يسجل نقاطاﹰ لصالحه على الصعيدين السياسي والشعبي كما جرى بعد اقرار خطة الكهرباء .

وبالعودة الى مشروع موازنة العام 2019 فانها قائمة على اصلاحات تخفض العجز في الموازنة من 11.50 في المئة الى 8.8 في المئة , اي 2.7 في المئة عن عام 2018 .

وقد تضمنت الموازنة 52 بنداﹰ اصلاحياﹰ من اجل خفض النفقات وابرزها :

- خفض رواتب ومخصصات السلطات العامة بنسبة 50 في المئة .

- خفض رواتب الوزراء والنواب المتقاعدين .

- وقف كل انواع التوظيف والتعاقد في الادارات العامة والمؤسسات العسكرية وتجميد التطويع لمدة 3 سنوات .

- حسم 3 في المئة من رواتب ومعاشات المتقاعدين العسكرين .

- رفع الضريبة على الودائع المصرفية من 7 الى 10 في المئة .

مع التأكيد على نقطتين وهما : "اولاﹰ لا زياة في الضريبة على القيمة المضافة , وثانياﹰ لا زيادة على سعر صفيحة البنزين .

ورغم ان هذه الاصلاحات والتخفيضات ايجابية بصورة عامة الا ان البعض لا يعتبرها كافية وفعالة , ولعل ذلك مادفع برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الى ابداء "بالغ اسفه لكون مشروع الموازنة جاء مخيباﹰ للآمال ولا يرتقي الى مستوى المعالجة في مواجهة ازمة اقتصادية مالية خطيرة كتلك التي تعصف بالبلاد راهناﹰ , لا بل تقتصر المعالجة الواردة في متنه على اجراءات عادية لا يمكن ان توفر الحل المنشود" .

وهذه النظرة السلبية للوضع الاقتصادي في لبنان موجودة لدى المجتمع الدولي فقد نقل النائب ياسين جابر من المسؤولين الأميركيين الذين التقاهم مع وفد لبناني في واشنطن :"ان المطلوب استهلالاﹰ من لبنان ان يبدي حرصا اكبر وعناية اشد لمساعدة نفسه وماليته قبل ان يطلب من الآخرين الدعم المنشود .

وان الاستنتاجات عندنا , ويا للأسف , تلحظ ان لا اجراءات جدية يبادر اليها الجانب اللبناني تستشعر جسامة الواقع وتجترح خريطة طريق المعالجة والمواجهة" .

باختصار , الحكومة أمام اختبار كبير في مشروع موازنة العام 2019 , فهل تنجح في هذا الامتحان وتنقذ لبنان واللبنانيين , ام ان من أوصل لبنان الى هذه الحال غير قادر على انقاذه ؟

بسام غنوم