العدد 1361 / 8-5-2019
بسام غنوم

تصاعدت حدّة التحركات النقابية الرافضة لمشروع موازنة 2019 خصوصاﹰ في الشق المتعلق بالتخفيضات المقترحة بالمخصصات والتعويضات والصناديق التعاضدية للقضاة واساتذة الجامعات والضمان الاجتماعي ومصرف لبنان .. الخ ، وقد بلغت هذه الاعتراضات ذروتها مع اعلان موظفي مصرف لبنان الاضراب المفتوح وهو ماهدد الحركة المالية في المصارف وكذلك حركة التحويلات المالية من والى لبنان وانعكس ذلك سلباﹰ على الواقع الاقتصادي المتأزم وهو ما ترك تساؤلات عن من يحرك سلسلة الاعتراضات والاضرابات المعترضة على مشروع موازنة العام 2019 في الشارع ، وهل ان الحكومة هي فعلاﹰ على موقف واحد من مشروع موازنة العام 2019 وما تضمنته من بنود اصلاحية طالت مختلف الوزارات والمؤسسات التابعة للدولة ، وفي هذا الاطار كان هناك موقف لافت للرئيس سعد الحريري بعد اجتماع طارئ للرؤساء عون ، بري والحريري في قصر بعبدا بعد ان بلغت حركة الاضرابات ذروتها مع اضراب موظفي مصرف لبنان فقال :"أكدنا مراراﹰ ان لا مس بالفقراء لكن ثمة من يقوم بأوركسترا ومن يريد التسريب فيسرب النص كما هو وليس كما يريده" وأضاف قائلاﹰ :"الأمور لا تحل بالاضراب والحوار لا يحصل بالضغط" .

فهل ما يجري من تحركات اعتراضية واضرابات ضد مشروع موازنة العام 2019 له خلفيات سياسية ، وهل ستنجح الحكومة في اقرار مشروع الموازنة رغم الحركة المتصاعدة في الشارع ؟

تبدو المواقف من داخل الحكومة من مشروع موازنة 2019 متضاربة ففي حين هناك شبه اجماع حكومي على ضرورة انجاز مشروع الموازنة في اسرع وقت ممكن استجابة لمتطلبات مؤتمر سيدر اولاﹰ ، وانقاذ للوضع الاقتصادي المتردي في البلد ثانياﹰ ، هناك تساؤلات عن من يقوم بالتسريبات من داخل الحكومة حول النقاشات الجارية لاقرار مشروعة موازنة العام 2019 .

وفي هذا الاطار شهد اللبنانيون خلال الاسبوع الماضي وفي ذروة الاجتماعات والتحركات التي تقوم بها الحكومة للاسراع في انجاز مشروع الموازنة سجالاﹰ بين وزير المالية علي حسن خليل ووزير الاقتصاد منصور بطيش وكذلك دخل على الخط الوزير جبران باسيل ، وبلغت الأمور في مجلس الوزراء الخط الأحمر خلال مناقشة مشروع الموازنة حيث هدد وزير المالية بالانسحاب من الجلسة اعتراضاﹰ على مواقف وزراء التيار الوطني الحر ، فقال الوزير خليل ان الحكومة لا تضم وزيرين او ثلاثة لوزارة المال واضاف قائلاﹰ :"فليعلم القاصي والداني ، أنا وزير مالية لبنان وأنا من يتحمل هذه المسؤولية ، وكفى مزايدات وتطاولاﹰ واعتراضات" .

واتت مواقف الوزير خليل بعد تسريبات اعتبرها مغلوطة من قبل وزير الاقتصاد منصور بطيش وأكد ان الوزير بطيش كان يطالب بفرض ضريبة بقيمة ثلاثة في المئة على كل البضائع المستوردة الى لبنان ، وهو ما رفضه اكثر الوزراء .

ويعكس هذا السجال السياسي والاقتصادي بين وزير المالية ووزراء التيار الوطني الحرّ طبيعة الحركة السياسية التي تطبع عمل الحكومة عامة ، ومشروع موازنة 2019 ثانياﹰ ، حيث هناك محاولة مكشوفة لوضع اليد على عمل الحكومة من قبل الوزير باسيل والتيار الوطني الحر وقد نقل عن مرجع سياسي ان الرئيس سعد الحريري يبدو متساهلاﹰ جداﹰ مع باسيل الذي يمسك بقرار مؤثر على طاولة مجلس الوزراء ، وأضاف هذا المرجع ان الرئيس الحريري في حاجة "الى شد ركبه اكثر" أمام المناخ المسيطر على البلد والذي لايبشر بالخير ولا يدعو الى الاطمئنان الاقتصادي .

وفي ظل هذه الاجواءالسياسية هل ستنجح الحكومة في اقرار مشروع موازنة العام 2019 ؟

بعد ان بلغت حركة الاعتراض ذروتها مع اضراب موظفي مصرف لبنان عقد الرؤساء عون وبري والحريري اجتماعاﹰ طارئاﹰ في بعبدا للبحث في مآلت اليه الأمور وخصوصاﹰ بعد حديث الرئيس سعد الحريري عن "اوركسترا" منظمة تساهم عبر التسريبات في وضع البلد في مهب الريح ، وبعد اجتماع الرؤساء الثلاثة في بعبدا قال الرئيس الحريري ان "موقفنا والرئيس عون والرئيس بري واحد ونريد القيام باصلاح لمصلحة جميع اللبنانيين ، وهذا الموقف ليس موجها ضد قطاع محدد في البلد" ورأى ان "لدينا فرصة ذهبية للاتفاق على موازنة واقعية" ، وشدد على ان "لبنان بعيد عن الافلاس ، ونطلب من الاعلام عدم المشاركة بنشر الشائعات" .

باختصار ، رغم المخاطر السياسية والاقتصادية الكبيرة التي تحيط بلبنان ، فان البعض يرى ان الفرصة مناسبة لوضع يده على البلد ، وهذا لا يبشر بالخير ولو اقر مشروع موازنة العام 2019 .

بسام غنوم