العدد 1496 /19-1-2022

بعد أن أطلقت وزارة الداخليّة عجلة الانتخابات..

ماذا عن هيئة الإشراف على الانتخابات.. وجمعيات المراقبة؟


بات قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب نافذاً في 3 تشرين الثاني الماضي، وقد نشر في الجريدة الرسمية في 9 كانون الأول 2021، وأعلنت وزارة الداخلية والبلديات فتح باب الترشيح ودعوة الهيئات الناخبة.. هذا في القانون، لكن ماذا عن جهوزية مؤسسات الدولة لهذا الاستحقاق الانتخابي، فضلاً عن جهوزية المؤسسات المتخصصة بالعمليّة الانتخابيّة لاسيما هيئة الإشراف على الانتخابات برئاسة القاضي نديم عبد الملك، وهيئات المجتمع المدني المعنيّة بمراقبة العملية الانتخابية، بدءاً من فتح باب الترشيح وصولاً إلى الحملات الانتخابية، ثم يوم الاقتراع.

هيئة الاشراف على الانتخابات

"الهيئة جاهزة بالحدّ الأدنى، وهي مصمّمة على القيام بمهامها في الانتخابات النيابيّة القادمة، على أن تستكمل جهوزيّتها بعد تأمين عدّة العمل لها".. هذا ما أكده رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات القاضي نديم عبد الملك في لقاء خاص مع "الأمان"، نافياً كلّ ما يشاع من أجواء سلبيّة مرتبطة بالهيئة وجهوزيتها لمواكبة الانتخابات النيابيّة القادمة في أيار 2022.

لكن ماذا عن عدم صدور قرار التكليف الرسمي للهيئة من مجلس الوزراء حتى الآن، مع أنّ المادة (11) من قانون هيئة الإشراف على الانتخابات (44/2017) تقضي بأنّ على مجلس الوزراء تعيين أعضاء الهيئة قبل ستة أشهر من انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي؟ يجيب عبد الملك:

"بما أنّ مجلس الوزراء لم يعيّن حتى تاريخه هيئة جديدة للإشراف على الانتخابات، لذلك فإن الهيئة القائمة حالياً تستمدّ شرعيتها من أحكام المادة (11) الأصليّة والمعدّلة في القانون، وبالتالي فالهيئة الحاضرة هي المخوّلة قانوناً للإشراف على الانتخابات القادمة في أيار 2022".

وكشف رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات عن طلب وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي من الهيئة الراهنة "القيام بالتحضيرات اللازمة لإشرافها على الانتخابات القادمة، استناداً الى أحكام النصوص القانونيّة"، وذلك خلال لقاء عقد منذ أيام بين الهيئة والوزير مولوي. ويشير عبد الملك إلى أنّ وزير الداخلية "وعد بتأمين حاجات الهيئة من مقرّ واسع وموازنة لها، وغيرها من الحاجات"، وذلك بعد أن وضعته الهيئة في صورة الحالة الراهنة لهيئة الإشراف والتحدّيات التي تواجهها، واحتياجاتها وجهوزيّتها لانتخابات 2022.

وكانت هيئة الإشراف على الانتخابات قد نظمت ورشة عمل في تموز الماضي، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبدعم مالي من الاتحاد الأوروبي والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وبمشاركة ممثلة عن المنسقيّة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، حضرها ممثلون عن هيئات المجتمع المدني (مهارات، الجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات، fifty fifty، الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوّقين حركياً، الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية، منظمة التقارير الدولية الألمانية، المعهد الوطني الديموقراطي)، تحضيراً للانتخابات النيابية المقبلة. وعرضت هيئة الإشراف خلال الورشة العقبات التي واجهتها في انتخابات 2018 والانتخابات الفرعية في دائرتي طرابلس وصور، وختمتها بإعلان العديد من التوصيات. ومن أبرزها:

-أن يكون للهيئة استقلال كامل وناجز بكلّ معنى الكلمة.

-أن يكون لها موازنة خاصة منفصلة عن موازنة وزارة الداخلية والبلديات.

-أن تتمتع بالشخصيّة المعنويّة للتقاضي والمداعاة.

-أن تتمكّن من تنفيذ قراراتها الإجرائيّة والتنفيذيّة على الأرض مباشرة بواسطة جهاز تابع لها.

ويؤكد عبد الملك أنه "من أجل أن تقوم هيئة الإشراف على الانتخابات بعملها بالشكل المطلوب وبجهوزيّة كاملة، يجب توفير عدة العمل من مالية ولوجستيّة وبشريّة وتقنيّة ومقرّ واسع لها يتسع لمعدّاتها الفنية وأعضائها وموظفيها من مراقبي إعلام وإعلان ومدققي حسابات وتقنيين".

هذه التوصيات – بحسب عبد الملك – لم تلق آذاناً صاغية من المسؤولين، "مثلها مثل التوصيات التي صدرت عن هيئة الإشراف على انتخابات 2009، ولم يتمّ تعديل القانون بالنسبة لصلاحيات الهيئة".

لكنّ عبد الملك يبدو مطمئناً إلى التزام وزير الداخلية بتنفيذ وعوده لها، فبخصوص المقرّ الرسمي للهيئة، يجيب عبد الملك: "الهيئة لها مقرّ دائم حالياً، وهناك صعوبات مالية مع المالك يعمل وزير الداخلية على معالجتها".

وبالنسبة للنقص في عدد أعضاء الهيئة، بعد استقالة أحد الأعضاء وسفر عضو آخر وانقطاع عضو ثالث، حيث باتت الهيئة تضمّ حالياً ثمانية أعضاء.. فقد وعد وزير الداخلية في لقائه الأخير مع الهيئة بـ "إكمال النقص في أعضاء الهيئة لتصبح كاملة"، علماً أنّ قانون هيئة الإشراف على الانتخابات (44/2017) حدّد عدد أعضاء الهيئة بأحد عشر عضواً.

أمام هذه الأجواء الإيجابيّة التي نلمسها لدى رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات، نسأله عن حديث بعض وسائل الإعلام عن حالة شلل إداريّ للهيئة وغياب الوضع القانونيّ لها وعدم توفر المستلزمات الضرورية، فيوضح عبد الملك:

"استمرّ رئيس وأعضاء هيئة الاشراف على الانتخابات القيام بمهامهم بعد الانتخابات النيابيّة العامة 2018، وشاركوا لاحقاً في العديد من ورش العمل مع منظمات المجتمع المدني المحلي والدولي، وقاموا بتنفيذ رزنامة العمل وبعض المشاريع المقرّرة فيها"، مؤكداً أنّ عمل رئيس وأعضاء هيئة الاشراف منذ تاريخ تعيينهم حتى اليوم، وحضور رئيس وبعض أعضاء الهيئة إلى مقرّ الهيئة والعمل لم ينقطع "بدون أن يتقاضوا أيّ تعويض منذ آخر عام 2019".

ويردّ عبد الملك على ما ورد في إحدى محطات التلفزة مؤخراً من أنّ رئيس هيئة الاشراف على الانتخابات يتقاضى تعويضاته منذ أربع سنوات دون عمل، فيقول إنّ "هذا الخبر الكاذب والملفق الذي يمسّ سمعتنا وكرامتنا استدعى منّا حقّ الردّ بموجب كتاب مع إشعار الوصول أرسلناه الى المحطة والإعلامي المذكورين.. لكنه تجاهل الكتاب، بما يخالف قانون المطبوعات".

وبالتالي، يؤكد القاضي عبد الملك أنّ "الهيئة جاهزة بالحدّ الأدنى، وهي مصمّمة على القيام بمهامها في الانتخابات النيابيّة القادمة، على أن تستكمل جهوزيّتها بعد تأمين عدّة العمل التي تطالب بها"، مستنداً في هذا إلى التزام المؤسسات الدوليّة بدعم الهيئة وتقدير جهودها، ووعود وزير الداخلية "بالسعي لرفع جهوزية الهيئة وتأمين عدة العمل لها من ماليّة ولوجستيّة".

وأخيراً نسأل رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات عن رأيه في ما يشاع من احتماليّة عدم إجراء الانتخابات القادمة، فينقل تأكيد الوفود الدوليّة، من الاتحاد الأوروبي ومن منظمة الأمم المتحدة التي زارت الهيئة في الشهرين الأخيرين، على "دعمها وتصميمها على إجراء الانتخابات النيابيّة العامة في ربيع عام 2022، باعتبارها استحقاقاً دستورياً واجب حصوله في الموعد المحدد".

هيئات المجتمع المدني لمراقبة الانتخابات

هذا هو واقع هيئة الإشراف على الانتخابات التي تتابع عملها رغم احتياجاتها وقّلة إمكاناتها، فماذا عن هيئات المجتمع المدني المختصّة أيضاً بالعمليات الانتخابية في لبنان، التي تشكّل داعماً لهيئة الإشراف على الانتخابات، ويتكامل عملها معها؟

التقينا المدير التنفيذي لـ "الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات" علي سليم، وهي جمعيّة مدنيّة مطلبيّة تأسست سنة 1993، وتهدف – بحسب موقعها الرسمي على الإنترنت – إلى:

- إصلاح النظم الانتخابيّة والإدارية لضمان المشاركة الفعالة وحسن التمثيل.

- رفع مستوى الوعي والمسؤوليّة لدى المواطنين اللبنانيين، وتمكينهم من المشاركة في العملية السياسية.

- مراقبة مختلف العمليات الانتخابيّة من نيابية الى بلدية واختيارية ونقابية وجامعية وحزبية وجمعيات.

وتصدر "LADE" تقارير بعد مراقبتها للعمليّة الانتخابيّة، بدءاً من فتح باب الترشيح، وصولاً إلى الحملات الانتخابيّة، ثم اليوم الانتخابي.

وكانت قد أصدرت بعد الانتخابات النيابيّة عام 2018 تقريرها الذي سجّلت فيه نتيجة رصدها للعمليّة الانتخابيّة، في مرحلة الحملات الانتخابيّة ويوم الاقتراع. وختم التقرير بتوصيات الجمعيّة لتطوير العمليّة الانتخابيّة وتحسين الإجراءات الإداريّة لها.

عن أهميّة هذه التقارير يقول السيد علي سليم إنها "تشكّل مرجعاً للمرشحين الخاسرين عند تجهيزهم لملفاتهم بهدفس تقديمها إلى المجلس الدستوري، خلال الفترة المخصصة لتقديم الطعون الانتخابيّة".

ويؤكد سليم تعاون جمعيّته مع وزارة الداخلية والكتل النيابية لإقرار الإصلاحات، لكنه يسجّل "غياب الإرادة السياسيّة بتبنّي إصلاحات مرتبطة بالقانون الانتخابي"، رغم أنّ "اللقاءات مع وزارتَي الداخلية والخارجية مستمرّة لإنجاح العملية الانتخابية القادمة".

كيف ترى "الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات" استعدادات وزارة الداخلية والبلديات للاستحقاق الانتخابي، يرى سليم أنّ الوزارة "لا تؤدّي دورها بالشكل المطلوب لحماية الاستحقاق الانتخابي والمسار المرتبط به، حيث لا ميرانية للانتخابات، لا ميزانية لتدريب موظفي الأقلام، لا ميزانية حتى اليوم لهيئة الإشراف على الانتخابات، لا تجهيزات لمراكز انتخابيّة تكون دامجة للأشخاص من ذوي الإعاقة، لا تثقيف انتخابي، رغم أنّ وزارة الداخلية فتحت باب الترشح للانتخابات وأصدرت مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، وبقي على الاستحقاق الانتخابي حوالي أربعة أشهر".. ليخلص سليم بعد عرض هذه الثغرات إلى نتيجة أنّ هذه كلها مؤشرات تدلّ أن ثمة خوفاً كبيراً جداً على إجراء الانتخابات بمواعيدها الدستورية".

وماذا عن الدور الذي تقوم به هيئة الإشراف على الانتخابات، كيف تنظر "الجمعيّة اللبنانيّة من أجل ديمقراطية الانتخابات" إلى مدى جهوزيّة الهيئة للقيام بعملها؟ يجيب سليم: "الهيئة تعاني مشاكل عدة: لا اعتمادات ماليّة كي تؤدّي عملها، فهي لم تباشر دورها التثقيفي، ولم تبدأ بمراقبة الإعلان والاعلام الانتخابي"، وفي انتخابات ٢٠١٨ ارتضت لنفسها خطاباً سياسياً منخفضاً بمخاطبة الرأي العام"، مبدياً خشيته من أن يتكرر الأمر نفسه في انتخابات 2022.

سواء أجريت الانتخابات أم لم تجرَ، فإنّ هيئة الإشراف على الانتخابات والجمعيات المعنيّة بمراقبة الانتخابات تعمل على قاعدة أنّ الانتخابات حاصلة في أيار 2022، هذا ما أكده القاضي نديم عبد الملك والسيد علي سليم. فهل تجرى الانتخابات في موعدها؟

أيمن المصري