قاسم قصير

تتواصل الاتصالات واللقاءات بين قيادتي حركة أمل والتيار الوطني الحرّ من أجل التوصل إلى ورقة تفاهم بينهما تنهي التباينات التي حصلت طوال السنوات الماضية.
وتشير مصادر مطلعة إلى «ان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم قد نجح في عقد لقاء مصالحة بين الطرفين في شهر كانون الثاني الماضي، وان هذا اللقاء مهّد لعقد سلسلة لقاءات حوارية جرى في خلالها البحث في توقيع ورقة تفاهم سياسية قد تؤدي إلى تحالف انتخابي وسياسي بينهما في المرحلة المقبلة».
والمعروف ان العلاقة بين الحركة والتيار وزعيمهما الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري قد شهدتا تباينات مستمرة طوال السنوات الماضية، كما ان بري لم يدعم وصول عون للرئاسة الأولى، وبرزت العديد من الخلافات بينهما حول الملفات النيابية والسياسية والإدارية.
فما هي الأسباب التي أسهمت في إعادة ترتيب العلاقة بين الطرفين بعد هذه التباينات المستمرة؟ وماذا سيتضمن التفاهم الجديد بينهما؟ وما هي الانعكاسات السياسية والشعبية لهذا التفاهم في حال انجازه قريباً؟
ترتيب بعد مرحلة الخلاف
بداية كيف مرت العلاقة بين حركة أمل والتيار الوطني الحرّ وصولاً إلى المرحلة الحالية والبدء بترتيب الأوضاع بينهما؟
من المعروف انه منذ عودة العماد ميشال عون الى لبنان واعادة تشكيل التيار الوطني الحر، لم تكن العلاقة بينهما وبين الرئيس نبيه بري وحركة أمل على ما يرام، وخاض الطرفان معارك سياسية ونيابية وبلدية وإدارية بينهما، وخصوصاً في المناطق التي فيها وجود مشترك كمنطقة جزين وقضاء بعبدا ومنطقة شرقي صيدا، إضافة إلى بروز تباينات في وزارة الطاقة وشركة الكهرباء وملف النفط والغاز.
لكن بعد وصول عون للرئاسة وتشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري الثانية بدأت تبرز أجواء تفاهم وتقارب بين الطرفين، وبرز ذلك بوضوح من خلال التفاهم على ملف التنقيب عن النفط، ومن خلال التعاطي مع ملف الانتخابات النيابية، إلى ان جرى الحديث أخيراً عن عقد لقاء مصالحة بينهما برعاية اللواء عباس إبراهيم والحديث عن البحث الجدي في توقيع تفاهم سياسي بينهما.
وقد جرى في خلال الأسابيع الأخيرة عقد سلسلة لقاءات واجتماعات بين رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، والمعاون السياسي للرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل، واشارت المعلومات الصحافية الى بدء مناقشة ورقة تفاهم بينهما قد توقَّع في المرحلة المقبلة.
التفاهم الجديد وانعاكاساته المستقبلية
لكن ماذا يتضمن التفاهم السياسي الجديد بين حركة أمل والتيار الوطني الحر؟ وما هي الانعكاسات السياسية والشعبية لهذا التفاهم في المرحلة المقبلة؟
مصادر إعلامية اشارت إلى «ان التفاهم السياسي الجديد بين التيار والحركة يتضمن خطوطاً عريضة حول إدارة الدولة وممارسة السلطة، وسيركز على دعم تطبيق «اتفاق الطائف» وقانون الانتخابات وملفات النفط والطاقة وتعزيز دور الدولة، واما القضايا الاستراتيجية كالموقف من سلاح المقاومة والاستراتيجية الدفاعية ودور لبنان في المنطقة فسيتم التأكيد على الحوار حولها والسعي لابعاد لبنان عن نزاعات المنطقة».
وتقول المصادر المقربة من الطرفين: «ان هذا التفاهم لا يعني التحالف السياسي الكامل في كل المناطق، بل سيُسهم في تعزيز التعاون بينهما في القضايا الأساسية ويخفف أجواء التوتر التي كانت سائدة سابقاً».
واما بالنسبة إلى النتائج السياسية والشعبية لهذا التفاهم بعد اعلانه، فيمكن الاشارة إلى النقاط التالية:
أولاً: سيساعد هذا التفاهم في تعزيز العلاقة بين الأطراف الثلاثة: «حزب الله» والتيار الوطني وحركة أمل في معالجة القضايا المختلفة في المرحلة المقبلة بعدما كانت تبرز بعض الخلافات بين حليفي الحزب.
ثانياً: قد يكون لهذا التفاهم أبعاد انتخابية نيابية وبلدية ورئاسية وكل طرف يستفيد منه لتعزيز موقعه المستقبلي.
ثالثاً: يخفف هذا التفاهم من الهواجس التي عبّر عنها الرئيس نبيه بري وقياديو حركة أمل بعد حصول التفاهم بين التيار والقوات اللبنانية والتقارب بين التيار الوطني وتيار المستقبل، ويجعل التيار الوطني حلقة الوصل بين مختلف المكونات السياسية.
رابعاً: يُسهم هذا التفاهم في تعزيز العلاقة الشعبية بين مناصريهم بعد أجواء من التوترات في السنوات المقبلة.
اذن, نحن سنكون أمام تفاهم جديد قد لا يوازي التفاهم بين التيار وكل من «حزب الله» والقوات اللبنانية ، لكنه سيشكل إضافة سياسية جديدة في الواقع السياسي اللبناني, وقد يكون نموذجاً لتحالفات سياسية مستقبلية في البلد بين أطراف مختلفة.