العدد 1380 / 2-10-2019
بسام غنوم

اربكت حركة الاعتراض الشعبي على تردي الأوضاع الاقتصادية في لبنان وخصوصاﹰ ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي , القوى السياسية الكبرى المشاركة في الحكومة والتي يبدو انها أخذت على حين غرة بهذه التحركات التي شملت الاسبوع الماضي مختلف المناطق اللبنانية من الشمال والجنوب مروراﹰ بالبقاع وصولاﹰ الى بيروت , حيث بلغت ذروتها في عمليات قطع الطرقات وحرق الدواليب في وسط بيروت وعلى طريق المطار ووجه المحتجين كلامهم الاعتراضي نحو الرئيس عون والعهد القوي وحملوه مسؤولية تردي الاحوال الاقتصادية في البلد ، وهو ما دفع بالرئيس عون الى التهديد بملاحقة مرتكبي جرائم النيل من مكانة الدولة المالية ، وكان لافتا في هذا الاطار السجال الذي دار بين النائب زياد أسود وتيار المستقبل حيث قال في تغريدة له ردا على المحتجين المعترضين على الرئيس عون :" الحريري يتمسكن ويمد خراميشه بري يتبرأ من مفاعيله . جنبلاط يتحسر على مزاريبه والدولة مفلسة من مثلث الرحمات واللعنات ( ويقصد الرئيس رفيق الحريري ) وطلع الحق على عون ... مش مؤامرة فقط خيانة وطن" ، وهو ما أكد ان افرقاء الحكم في لبنان يعيشون حالة من انكار للواقع عبر تجاهل صرخات الناس وأوجاعهم ، وكأن ما يجري سببه ليس تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لأكثرية اللبنانيين بل هو مؤامرة من الطبقة السياسية على بعضها البعض وهو ما عبر عنه الوزير جبران باسيل في كلمته أمام الجالية اللبنانية في كندا بالقول :" هناك شركاء في الداخل يتأمرون على البلد واقتصاده" .

فهل ما يجري في لبنان حالياﹰ هو مؤامرة عللى البلد واقتصاده ام هو نتيجة الفساد المستشري في ادارة وشؤون لبنان ؟

اظهرت التحركات الشعبية في الشارع الاسبوع الماضي , التي شملت مختلف المناطق اللبنانية ان الشعب اللبناني الذي صبر طويلا على ممارسات افرقاء الحكم بدأ يتحرك للمطالبة بحقوقه بعدما أوصلت الطبقة السياسية الحاكمة اللبنانيين الى الفقر والعوز ، وان استمرار الحال على ما هو عليه سيؤدي الى انهيار شامل وقد بدأ مؤشراته عبر تخفيض تصنيف لبنان الى CCC و B- من قبل وكالة فيتش وستاندارد آنذ بورز ، ومع رفض المجتمع الدولي الافراج عن اموال مؤتمر سيدر قبل تطبيق الدولة الاصلاحات المطلوبة ولاسيما في قطاع الكهرباء ، وصولا الى ارتفاع سعر صرف الدولار في الاسواق اللبنانية وهو ما ادى الى بلبلة في الاسواق جرى التعبير عنها باضراب محطات البنزين ورفع الصوت من القطاعات الاقتصادية المختلفة ، وهذا ما اربك الطبقة السياسية الحاكمة التي تمسك بالقرار السياسي والاقتصادي في لبنان ، فراحت بدلاﹰ من الاجتماع في جلسات طارئة لمجلس الوزراء لمناقشة ومعالجة الوضع على الارض تتبادل الاتهامات فيما بينها بالمسؤولية عن ما يجري ، فالوزير باسيل اعتبر من كندا :" ان هناك فتنة جديدة تحضر وهي فتنة الاقتصاد" ، وبلغ به الامر حد القول :" تخيلوا ان هناك لبنانيين يفبكرون صوراﹰ غير صحيحة ليحرضوا المواطنين على الدولة بدل ان نتضامن جميعا لتخطي هذه المرحلة" ، لكنه عاد وقال بعد ذلك في لقاء مع اللبنانيين في الولايات المتحدة الأميركية :" نمر اليوم بمرحلة اقتصادية صعبة" وأضاف "لبنان في مرحلة شبه افلاس" .

وهنا نسأل من هو المسؤول عن مرحلة شبه الافلاس التي يعيشها لبنان حالياﹰ ؟

لعل احد اكبر اسباب الأزمات المتلازمة التي يعيشها لبنان حاليا هو ان الحكومة الحالية تضم جميع الفرقاء السياسيين الكبار ، وهو ما انعكس سلبا على مجمل الواقع السياسي والاقتصادي في البلد ، فكل ما يجري في الحكومة وفي مجال ادارات الدولة يتم بالمحاصصة بين هذه القوى دونما اعتبار للكفاءة والنزاهة وباقي البنانيين ، فالتعينات بالتوافق سواء كانت ادارية او قضائية او عسكرية ، والمشاريع محاصصة ، وكل ذلك يتم تحت ما يسمى ﺑ "التسوية السياسية" التي تحكم البلد والتي جاءت بالرئيس عون الى الرئاسة في 31 تشرين الأول من عام 2016 ، ومن الطبيعي في ظل هذا الوضع السياسي المتردي ان تصل الأمور الى حالة الافلاس السياسي و الاقتصادي التي يعيشها لبنالن حالياﹰ .

بالخلاصة يمكن القول أن لبنان يسير بسرعة كبيرة نحو الهاوية وعلى مختلف الصعد ، وان لم يتم تدارك الامور في القريب العاجل وبأسرع وقت فلن يبقى من هذا الوطن الجميل الا ذكريات جميلة عن وطن كان يعتبر في السابق سويسرا الشرق .

بسام غنوم